فأعاد الضمير على الليل ﴿وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النحل:14] يريد في النهار فأضمر و إن كان الضميران يعودان على المعنى المقصود فقد يعمل الصانع بالليل و يبيع و يشتري بالليل كما أنه ينام أيضا و يسكن بالنهار و لكن الغالب في الأمور هو المعتبر فلاح لي من خلف ستارة هذه الآية و حسن العبارة عنها الرافعة سترها و هو قوله ﴿مَنٰامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهٰارِ﴾ [الروم:23] أمر زائد على ما يفهم منه في العموم بقرائن الأحوال في ابتغاء الفضل للنهار و المنام لليل ما نذكره
[النشأتان:الدنيوية و الأخروية]
و هو أن اللّٰه نبه بهذه الآية على إن نشأة الآخرة الحسية لا تشبه هذه النشأة الدنياوية و إنها ليست بعينها بل تركيب آخر و مزاج آخر كما وردت به الشرائع و التعريفات النبوية في مزاج تلك الدار و إن كانت هذه الجواهر عينها بلا شك فإنها التي تبعثر في القبور و تنشر و لكن يختلف التركيب و المزاج بأعراض و صفات تليق بتلك الدار لا تليق بهذه الدار و إن كانت الصورة واحدة في العين و السمع و الأنف و الفم و اليدين و الرجلين بكمال النشأة و لكن الاختلاف بين فمنه ما يشعر به و يحس و منه ما لا يشعر به و لما كانت صورة الإنشاء في الدار الآخرة على صورة هذه لنشأة لم يشعر بما أشرنا إليه و لما كان الحكم يختلف عرفنا إن المزاج اختلف فهذا الفرق بين حظ الحس و العقل
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية