فالله في هذه المعية يتبع العبد حيث كان فنحن أيضا تتبعه تعالى حيث ظهر بالحكم فنحن وقوف حتى يظهر بأمر يعطي ذلك الأمر حكما خاصا في الوجود فنتبعه فيه و لا نظهر في العامة بخلافه كسكوتنا عن التعريف به أنه هو إذا تجلى في صورة ينكر فيها مع معرفتنا به فهو المقدم بالتجلي و حكم الإنكار فنحن نتبعه بالسكوت و إن لم ننكر و لا نقر فهذا هو الاتباع الإلهي و أما الاتباع النبوي الذي رزقنا اللّٰه فهو قوله ﴿لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب:21] ثم إنه أتبعنا و تأسى بنا في صلاته إذا صلى بالجماعة فيكون فيها الضعيف و المريض و ذو الحاجة فيصلي بصلاتهم فهو ﷺ المتبع و المتبع اسم مفعول و اسم فاعل ثم أمرنا أن نصلي إذا كنا أئمة بصلاة إلا ضعف فاتبعنا الرحمن بما ذكرناه فنحن التابعون و اتبعنا الرحمن بما تعطيه حقائقنا من الاحتياج و الفاقة فيمشي بما نحن عليه فنحن المتبوعون فانظر ما ذا تعطي حقائق السيادة في العبيد و حقائق العبادة و العبودية في السيادة فهذا الرجل هذه صفته في العالم و بهذه الركعة الرابعة ظهرت أحكام الأسماء الأربعة الإلهية و أحكام الطبيعة في النشأة الطبيعية و أحكام العناصر في المولدات الثلاثة التي لها هذه الرحمات الثلاثة و أحكام الأخلاط في النشأة الحيوانية فلهذا الرجل المهيمنية على هذه كلها نشء صورة الركعة الخامسة من الوتر انتشا رجل منها رجل من رجال اللّٰه يقال له عبد المعطي فتارة يكون عطاؤه وهبا فيكون المعطي عبد الوهاب و تارة يكون عطاؤه إنعاما فيكون عبد المنعم و تارة يكون عطاؤه كرما فيكون المعطي عبد الكريم و تارة يكون عطاؤه جودا فيكون المعطي عبد الجواد و تارة يكون عطاؤه سخاء فيكون المعطي عبد المقيت و عبد السخي و تارة يكون عطاؤه إيثارا فيكون المعطي عبد الغني و هذا العطاء أغمض الإعطاءات و أصبعها تصورا بل يمنعها الجميع إلا نحن و ما رأينا أحدا أثبت هذا العطاء في الإلهيات و ما يثبته إلا من علم معنى اسمه الغني تعالى و ذلك أنه قد ثبت في الصحيح أن العبد يصل إلى مقام يكون الحق من حيث هويته جميع قواه في «قوله كنت سمعه و بصره و يده»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية