فأما الوحي من ذلك فهو ما يلقيه في قلوبهم على جهة الحديث فيحصل لهم من ذلك علم بأمر ما و هو الذي تضمنه ذلك الحديث و إن لم يكن كذلك فليس بوحي و لا خطاب فإن بعض القلوب يجد أصحابها علما بأمر ما من العلوم الضرورية عند الناس فذلك علم صحيح ليس عن خطاب و كلامنا إنما هو في الخطاب الإلهي المسمى وحيا فإن اللّٰه تعالى جعل مثل هذا الصنف من الوحي كلاما و من الكلام يستفيد العلم بالذي جاء له ذلك الكلام و بهذا يفرق إذا وجد ذلك و أما قوله تعالى ﴿أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ﴾ [الشورى:51] فهو خطاب إلهي يلقيه على السمع لا على القلب فيدركه من ألقى عليه فيفهم منه ما قصد به من أسمعه ذلك و قد يحصل له ذلك في صور التجلي فتخاطبه تلك الصورة الإلهية و هي عين الحجاب فيفهم من ذلك الخطاب علم ما يدل عليه و يعلم أن ذلك حجاب و أن المتكلم من وراء ذلك الحجاب و ما كل من أدرك صورة التجلي الإلهي يعلم أن ذلك هو اللّٰه فما يزيد صاحب هذه الحال على غيره إلا بأن يعرف أن تلك الصورة و إن كانت حجابا فهي عين تجلى الحق له و أما قوله تعالى ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً﴾ [الشورى:51]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية