﴿عٰالِمُ الْغَيْبِ﴾ [الأنعام:73] و هو الخفي ﴿وَ الشَّهٰادَةِ﴾ [الأنعام:73] و هو الجلي و ما أوجده من الممكنات و هو الجلي أيضا و ما لم يوجده منها و هو الخفي أيضا و لا يخلو العالم من هاتين النسبتين دنيا و لا آخرة فالمزيد الواقع من العالم في العالم فهو من الخفي و المزيد لا يزال فالعالم مزيد خارج من الخفاء إلى الجلاء لا يزال فالجلي من سؤال السائلين إنما يسمعه الحق من الاسم الظاهر و الخفي منه يسمعه من الاسم الباطن فإذا أعطاه ما سأل فالاسم الباطن يعطيه للظاهر و الظاهر يعطيه للسائل فالظاهر حاجب الباطن و الجلي حاجب الخفي كما إن الشعور حاجب العلم و اعلم أن اللّٰه عزَّ وجلَّ يعامل عباده بما يعاملونه به فكأنه تعالى بحكم التبعية لهم و إن كان ابتداء الأمر منه و لكن هكذا علمنا و قرر لدينا فإنا لا ننسب إليه إلا ما نسبه إلى نفسه و لا يتمكن لنا إلا ذلك فمن حكم تبعية الحق تعالى للمخلوق قوله تعالى ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّٰهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ﴾ [آل عمران:31] و «قوله ﷺ في الصحيح إن اللّٰه لا يمل حتى تملوا» و قوله تعالى ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة:152] و «قوله سبحانه من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي و من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه»
فلا يكون العبد في حالة *** إلا يكون الحق في مثلها
و كلها منه و لكنه *** كذا أتانا الحكم في شكلها
فكل مخالف أمر الحق فإنه يستدعي بهذه المخالفة من الحق مخالفة غرضه و لذلك لا يكون العفو و التجاوز و المغفرة من الحق جزاء لمخالفة العبد في بعض العبيد و إنما يكون ذلك امتنانا من اللّٰه عليه فإن كان جزاء فهو جزاء لمن عفا عن عبد مثله و تجاوز و غفر لمن أساء إليه في دنياه فقام له الحق في تلك الصفة من العفو و الصفح و التجاوز و المغفرة مثلا بمثل يدا بيدها و ها
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية