كذلك وصف نفسه بالجعل في الممكن إذ لو لا النور ما وجد له عين و لا اتصف بالوجود فمن اتصف بالوجود فقد اتصف بالحق فما في الوجود إلا اللّٰه فالوجود و إن كان عينا واحدة فما كثره إلا أعيان الممكنات فهو الواحد الكثير فينقسم بحكم التبعية لأعيان الممكنات كما نحن في الوجود بحكم التبعية فلولاه ما وجدنا و لولانا ما تكثر بما نسب إلى نفسه من النسب الكثيرة و الأسماء المختلفة المعاني فالأمر الكل متوقف علينا و عليه فبه نحن و هو بنا و هذا كله من كونه إلها خاصة فإن الرب يطلب المربوب طلبا ذاتيا وجودا و تقديرا و اللّٰه ﴿غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ﴾ [آل عمران:97] لأنه لا دليل عليه سوى نفسه لأنه وصف نفسه بالغنى فإن غير الوجود الحادث ما تعرفه معرفة الحدوث و لا يتصف الممكن بالوجود حتى يكون الحق عين وجوده فإذا علمه من كونه موجودا فما علمه إلا هو فهو غني عن العالمين و العالم ليس بغني عنه جملة واحدة لأنه ممكن و الممكن فقير إلى المرجح فالحجب الظلمانية و النورية التي احتجب بها الحق عن العالم إنما هي ما اتصف به الممكن في حقيقته من النور و الظلمة لكونه وسطا و هو لا ينظر إلا لنفسه فلا ينظر إلا في الحجاب فلو ارتفعت الحجب عن الممكن ارتفع الإمكان و ارتفع الواجب و المحال لارتفاعه فالحجب لا تزال مسدلة و لا يمكن إلا هكذا أنظر إلى قوله في ارتفاع الحجب ما ذكر من إحراق سبحات الوجه ما أدركه بصره من خلقه و قد وصف نفسه بأن الخلق يراه و لا تحترق فدل على إن الحجب لم ترفع مع الرؤية فالرؤية حجابية و لا بد و الضمير في بصره يعود على ما و ما هنا عين خلقه فكأنه يقول في تقدير الكلام ما أدركه بصر خلقه فإنه لا شك أنه تعالى يدركنا اليوم ببصره تعالى و سبحات وجهه موجودة و الحجب إن كانت عينه فلا ترتفع و إن كانت خلقا فإن السبحات تحرقها فإنها مدركة لبصره من غير حجاب و لو احترقت الحجب احترقنا فلم نكن و نحن كائنون بلا شك فالحجب مسدلة فلو فهم الناس معنى هذا الخبر لعلموا نفوسهم و لو علموا نفوسهم لعلموا الحق و لو علموا الحق لاكتفوا به فلم ينظروا إلا فيه لا في ملكوت السموات و الأرض فإنهم إذا انكشف لهم الأمر علموا أنه عين ملكوت السموات و الأرض كما علمه الترمذي الحكيم فأطلق عليه عند هذا الكشف الإلهي اسم ملك الملك
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية