و قوله تعالى ﴿فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شٰاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران:159] فهذا جدال في اللّٰه لين مأمور به و تعطف و الترجي من اللّٰه إذا ورد واقع بلا شك و لهذا قال العلماء إن كلمة عسى من اللّٰه واجبة و قد ترجى من فرعون التذكر و الخشية فلا بد أن يتذكر فرعون ذلك في نفسه و أن يخشى و لكن لم يظهر من ذلك شيئا على ظاهره و إن كان قد حكم التذكر و الخشية على باطنه و لذلك لم يبطش بموسى و لا بأخيه في المجلس فإنه صاحب السلطان و القهر في ذلك الوقت فما منعه إلا ما قام به من التذكر و الخشية من الحق و مانع آخر فلم يكن هناك إذ لو كان هناك مانع آخر ظاهر يلجأ إليه موسى عليه السّلام ما قال ﴿إِنَّنٰا نَخٰافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنٰا أَوْ أَنْ يَطْغىٰ﴾ [ طه:45] لعدم التكافؤ في القوة الظاهرة فأيده بما أوصاهما به من القول باللين فكانت هذه المخاطبة من جنود اللّٰه قابل بها جنود باطن فرعون فهزمهم بإذن اللّٰه فتذكر و خشي لما انهزم جيشه الذي كان يتقوى به فذل في نفسه فشغلته تلك الذلة و المعرفة عن إن يحكم بقوة ظاهرة فلم يبطش بهما في ذلك المجلس فهذه فائدة العلم فإن العلم إذا لم يتمر لصاحبه ما تعطيه حقيقته فما ثم علم أصلا و لا ذلك عالم و قد تقدم الكلام في مثل هذا فيما مضى من المنازل فالناس يأخذون بهذا الفرار الموسوي و لا يعرفون حقيقة ما أخذوا به و لا نظروا في ذلك هذا النظر الذي ذكرناه و إذا علمت هذا
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية