﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن:29] فلا يشبهه شيء ثابت و لا شيء موجود و ما وقفت على ما وقفت عليه من هذا العلم الذي أداني شهوده و حكمه إلى البقاء معه و إلى أن الزهد في الأشياء لا يقع إلا من الجهل القائم بهذا الزاهد و هو عدم العلم و من الغطاء الحجابي الذي على عينه و هو عدم الكشف و الشهود لما ذكرناه فإذا علم أو شاهد أن العالم كله ناطق بتسبيح خالقه و الثناء عليه و هو في حال الشهود له كيف يتمكن له الزهد فيمن هذه صفته و عينه و ذاته و صفاته من جملة العالم و قد أشهده اللّٰه و أراه آياته في الآفاق و هي ما خرج عنه و في نفسه و هي ما هو عليه فلو خرج عن غيره ما خرج عن نفسه فمن خرج عن العالم و عن نفسه فقد خرج عن الحق و من خرج عن الحق فقد خرج عن الإمكان و التحق بالمحال و من حقيقته الإمكان لا يلحق بالمحال إذن فدعواه بأنه خرج عن كل ما سوى اللّٰه جهل محض و إنما ذلك انتقال أحوال لا يشعر بها لجهله فيخيل له جهله أن العالم بمعزل عن اللّٰه و اللّٰه بمعزل عن العالم فيطلب الفرار إليه فهذا فرار وهمي و سبب ذلك عدم الذوق للأشياء و كونه سمع في التلاوة ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللّٰهِ﴾ [الذاريات:50]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية