و اعلم أنه ما من صورة في العالم الأسفل إلا و مثلها في العالم العلوي فصور العالم العلوي تحفظ على أمثالها في العالم السفلي الوجود و يؤثر فيها ما تجده من العلم بالأمور التي لا تقدر على إنكارها من نفسها لتحققها بما تجده فهذا أثر الصور العلويات الفلكيات في الصور السفليات العنصريات و تؤثر الصور العنصريات السفليات في الصور العلويات الفلكيات الحسن و القبح و التحرك بالوهب لما تحتاج إليه بما هي عليه من الاستعدادات فلا تقدر الصور العلويات أن تحفظ نفسها عن هذا التأثير لأن لهذا خلقت و بين العالمين رقائق ممتدة من كل صورة إلى مثلها متصلة غير منقطعة على تلك الرقائق يكون العروج و النزول فهي معارج و مدارج و قد يعبر عنها بالمناسبات و بين تلك الصور العلويات الفلكيات و بين الطبيعة رقائق ممتدة عليها ينزل من الطبيعة إلى هذه الصور ما به قوام وجودها فإذا انصبغت بذلك أفاضت على الصور السفليات العنصريات ما به قوام وجودها و لكن من حيث ما هي أجسام و أجساد لا غير ليحفظ عليها صورها و بين هذه الصور العلويات الفلكيات و بين النفس الكلية التي عبر عنها الشارع ﷺ عن اللّٰه باللوح المحفوظ لما حفظ اللّٰه عليه ما كتب فيه فلم ينله محو بعد ذلك و لا تبديل فكل شيء فيه و هو المسمى في القرآن بكل شيء تسمية إلهية و منه كتب اللّٰه كتبه و صحفه المنزلة على رسله و أنبيائه مثل قوله تعالى ﴿وَ كَتَبْنٰا لَهُ فِي الْأَلْوٰاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف:145]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية