و خلق اللّٰه كلماته و ﴿لاٰ تَبْدِيلَ لِكَلِمٰاتِ اللّٰهِ﴾ [يونس:64] و إنما التبديل لله من كونه متكلما لا من كونه قائلا فإن ظهرت القولة بصورة الكلمة لم تبدل لكونها قولا لا من حيث إنها كلمة من الكلام ثم قيل له الحزاء بالخير حتم و بالشر في المشيئة ثم قيل له الاستناد إلى القوي حمى لا ينتهك فيرجع طالب انتهاكه خاسرا ثم قيل له النزول من العلو بإنزال و بغير إنزال فمن نزل من غير إنزال فهو محمود و من نزل بإنزال فقد يحمد و الخلافة أرفع الدرجات و لها العلو فمن خلع نفسه منها حمد و إن كان فيها و من خلع منها فقد يحمد و هو بحسب ما يقع له ثم قيل له إن كنت وارثا فلا ترث إلا الحق فقال و كيف يورث الحق فقال إذا أشهدك الحق غناه عن العالمين فقد تركهم فهذه تركة إلهية لا يرثها إلا أنت إن كنت صاحب هذا الشهود فتعرف من هذا الورث ما لم تكن تعرفه قبله من العالم ثم قيل له لا تخلط بين الأمور و أنزل كل شيء حيث أنزلته حقيقته فلا تقل ما ثم إلا اللّٰه و لو كان كذلك و هو كذلك أ ليست المراتب المعقولة قد ميزت بين كونه كذا و كونه كذا و العين واحدة كما تقول و لكن هو من كذا أمر و من كذا أمر آخر و أراك تحس بالألم و تهرب منه فما الذي دعاك إلى ما منه تهرب و أراك تحس باللذة و أراك فاقدا ما كنت تطلب فبهذا القدر أثبت عينك و اعرف أينك فعلى كل حال الكثرة موجودة و الأغيار مشهودة و عالم و جاهل و أمر و مأمور و حاكم و محكوم عليه و محكوم به و محكوم فيه و مريد و مراد و تخيير و جبر و فاصل و مفصول و واصل و موصول و قريب و أقرب و وعد و وعيد فالفائدة في مخاطب و مخاطب و خطاب و مخاطب به الإنسان واحد بجملته و أعضاؤه متميزة و قواه متعددة و هو هو لا غير فأي شيء تألم منه سرى الألم في كله و ترى شخصا يتألم و آخر يسر بألمه و آخر يحزن لذلك فلو كان الأمر واحدا كما هو في الإنسان لسرى الألم في العالم بأسره إذا تألم منه واحد فليس الأمر كما تخيلته إذا كشف الغطاء علمت ما أقول فانصح نفسك إن أردت أن تلحق بالعلماء بالله الذين أسعدهم اللّٰه فالظاهر لله و الباطن كالروح و الجسد فكما لا يفترقان كذلك لا يفترقان فما الأمر إلا عبد و رب فما هو إلا أنت و هو فالطائع مهتد و العاصي حائر بين ما أريد منه و ما أمر به
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية