﴿قٰالُوا مٰا ذٰا قٰالَ رَبُّكُمْ﴾ [ سبإ:23] و هنا وقف فيقول بعضهم لبعض ﴿اَلْحَقَّ وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [ سبإ:23] من قول اللّٰه لا من قول الملائكة فعلى الوجه الأول لما أفاقوا و زال الخطاب الإجمالي المشبه و زالت البديهة قالوا ما ذا فقال لهم ربكم و هو قوله قال ربكم فما صعقوا عند هذا القول بل ثبتوا و قالوا الحق أي قال الحق أي قال ربنا القول الحق يعنون ما فهموه من الوحي أو قوله قال ربكم أو هما معا و هو الصحيح فهذا الفرق بين حال موسى عليه السّلام و بين حال محمد ﷺ و حال الملائكة ع
[علم ثناء الحق على نفسه بخلقه]
و اعلم أن في هذا المنزل من العلوم علم ثناء الحق على نفسه بخلقه و هو المثنى على نفسه بغناه عن خلقه فأي الثناءين أتم و أحق و ما هو الحق من هذين الثناءين و ما هو الحقيقة منهما أو كلاهما حقيقتان لحقين أو هما حقان و لهما حقيقتان و فيه علم الفرق بين العلم و الحكمة و الخبرة و فيه علم العلم بما في العالم بتقاسيم أحوالهم و فيه علم النيابة في الأجوبة عن اللّٰه و لا يكون ذلك إلا لرسول أو نبي أو وارث عن سماع لخطاب إلهي لا عن تجل و لا خطاب حال و فيه علم علم اللّٰه و فيه علم أين أودع اللّٰه علمه في خلقه من العوالم و هل أودعه في واحد أو فيما زاد على واحد و فيه علم بما ذا تتميز به القبضتان في عالم الشهادة و بما ذا تتميز به في عالم الغيب و فيه علم الدلالة على العلماء و أصحاب الأخبار الإلهية لنعرفهم فنتلقي منهم ما يأتون به عن اللّٰه فنساويهم في العلم بذلك رغبة في إن تلحق نفوسنا بنفوسهم في الصورة و إن اختلفت الطرق فلا أثر لاختلافها في صورة العلم و هذا هو الذي يحرض الأكابر من العلماء الأكابر على نشر العلم كما يحرض المتعلمين على طلب العلم من أكابر العلماء الذين يعلمون أنهم أعلم بالله منهم و من هذا قال الرجل للتلميذ لأن ترى أبا يزيد مرة خير لك من أن ترى اللّٰه ألف مرة لفضله عليه في العلم بالله لما علم إن ظهور الحق لعباده على قدر علمهم به فرؤيتنا اللّٰه بعلم العلماء به إذا استفدناه منهم أتم من رؤيتنا بعلمنا قبل إن نستفيده منهم و فيه علم إحاطة الاعتبار بالجهات و إن أن الاعتبار لا يخص حالا من حال و لا جهة من جهة و أنه علم عام و هو علم يعطي الدلالة لمن رجع إلى اللّٰه بالعبودة و فيه علم الأمر و النهي الإلهي بالمساعدة في العبادة و أعمال الخير و فيه علم إرسال النعم الخارقة و ما يحجب منها و ما ذا يحجب و فيه علم قوى المسخرات في التسخير و إلى أين تنتهي قواهم فيما سخروا فيه و فيه علم الموت المجهول في الميت و بما ذا يعرف كما حكى القشيري في رسالته عن بعضهم أنه مات إنسان فنظر إليه الغاسل فتحير فلم يدر أ هو ميت أم ليس بميت و هو ميت في نفس الأمر و مثل هذا ظهر على صاحب لي كان يخدمني فمات عندي فشك فيه الغاسل عند غسله هل هو ميت أم لا و فيه علم أثر العلم في العالم و من ادعى العلم و لم يؤثر فيه ما هو عالم و هي مسألة مشكلة يورث الإشكال فيها الحس فإنه ما رأينا أحدا يلقي نفسه في النار لعلمه أنها تحرقه إلا طائفتين الواحدة من تتخذها قربانا فتلقى نفسها فيها طلبا للإحراق قربة إليها أو من يعلم أنها لا تحرقه فعلمنا إن العلم له أثر في العالم و فيه علم آيات النعم و على ما ذا تدل و ما حقها على من يراها آية و فيه علم العلم القوي الذي يذهب بما سواه من العلوم التي يجدها في القلب و فيه علم الأدنى و الأعلى و ما السبب الموجب للطالب في طلبه الأدنى و تركه الأعلى مع علمه بمرتبة كل واحد منهما و فيه علم أسباب الجزاء في الخير و الشر و فيه علم البعد و القرب الكياني و الإلهي و فيه علم ما في علم القرب و البعد من الآيات الدالة على اللّٰه و فيه علم موافقة الظن العلم و بما ذا يعلم صاحب الحق أنه علم لا ظن و قد كان يعتقد أن ذلك ظن و فيه علم حال أهل الريب و بمن يلحقون من الأصناف و ما ينظر إليهم من الأسماء و فيه علم الحوالة و فيه علم أحوال الملإ الأعلى و اختلافها عليهم لاختلاف الواردات في مقامهم المعلوم و فيه علم ما لا ينسب إلى اللّٰه أعني لا يوصف به هل هو أمر عدمي أو وجودي و فيه علم أين يشك العالم و هو ليس بشاك و لما ذا يظهر بصورة الشاك و فيه علم ما يسأل عنه و ما لا يسأل عنه و فيه علم فيما ذا يجمع اللّٰه بين عباده ثم يفصل بينهم في عين هذا الجمع فهم فيه مفصلون و فيه علم من ادعى أمرا طولب بالدليل على ما ادعاه إذا ادعى ما يريد أن يؤثر به في أحوال العالم و فيه علم ما لا يقبل التقدم و لا التأخر من الأحوال و فيه علم الحجاج و فيه علم التقريب و إلى من يكون القرب هل إلى كون أو إلى اللّٰه و هل يصح القرب إلى اللّٰه أم لا و هو أقرب إلى كل إنسان ﴿مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق:16]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية