و هذا القدر كاف فيما يقع به المنفعة للسامعين من الناس فذكرنا حكمها في الدارين و ما يعود منها علينا و هو الغرض المقصود و في هذا المنزل معرفة منازل الرحمة المركبة و إلى كم تنتهي منازلها و المنزل الذي أكدت فيه و المنزل الذي لم تؤكد فيه و على كم من درج وقع التوكيد فيها و فيه علم ما لا يعلم إلا من طريق الخبر الإلهي و علم الإبانة عن مقام الجمع كالصلاة الجامعة بين اللّٰه و العبد في قراءة فاتحة الكتاب و من هنا يؤخذ الدليل بفرضيتها على المصلي في الصلاة فمن لم يقرأها في الصلاة فما صلى الصلاة التي قسمها اللّٰه بينه و بين عبده فإنه ما قال قسمت الفاتحة و إنما قال قسمت الصلاة بالألف و اللام اللتين للعهد و التعريف فلما فسر الصلاة المعهودة بالتقسيم جعل محل القسمة قراءة الفاتحة و هذا أقوى دليل يوجد في فرض قراءة الحمد في الصلاة و فيه علم تأثير الرحمة المركبة في العالم المحمدي خاصة و فيه علم تنزيل المعاني منزلة الأشخاص و فيه علم التراجم و فيه علم الطائفة التي سمعت و قيل فيها إنها لم تسمع مع وجود الفهم فيما سمعت فما الذي نفى عنها و ما الذي أبقى لها و فيه علم الحجب الكونية المظلمة و الظلمانية و من هو أهل كل حجاب و عمن حجب من حجب هل حجب عن سعادته أو عن مشاهدة ربه أو عن مشاهدة مقام رسوله و فيه علم اجتراء الكون على اللّٰه و فيه علم اللطف الإلهي بالمعاندين الرادين لأوامره المنازعين لناصريه و فيه علم ما شيب رسول اللّٰه ﷺ الذي ذكره في سورة هود و أخواتها و فيه علم طلب السر الإلهي و فيه علم الإحاطة بما لا يتناهى و فيه علم الجزاء الذي هو على غير الوفاق الزماني فإن مدد الأعمال التي تطلب الأجور متناهية و الأجر عليها غير متناه فما هو الجزاء الوفاق من غير الوفاق و فيه علم الإنكار و الإقرار و التقرير و التوبيخ و ما صفته و أين محله و فيه علم الخلق الجسمي و الجسماني و مراتب الخلق و كم له من المقدار الزماني و فيه علم المراتب المضاف إليها الرب و فيه علم القصد الإلهي و فيه علم موضع الأجوبة التي تكون بحكم المطابقة عند سؤال السائل و فيه علم مرتبة العاقل و شرفه على العالم إذا كان عالما فإن العاقل إذا رأى ما لا بد له منه بادر إليه و غير العاقل لا يفعل ذلك و فيه علم من خلق لأمر واحد و من خلق لأمرين فصاعدا و من وفى بما خلق له و من لم يوف بما خلق له و فيه علم سعادة من استكبر بحق ممن استكبر بنفسه كإبليس و من شاء اللّٰه و فيه علم تقرير المناسبة بينه و بين خلقه و أين هذا التقرير من ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] و مثل ما «جاء في الخبر لله أشد فرحا بتوبة عبده من رجل في أرض فلاة الحديث» و قوله تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية