فسأل ما يجوز له السؤال فيه إذ كانت الرسل أعلم الناس بالله و أنه ذو إدراك يدركه به و أنه المدرك بالإدراك لا الإدراك فإنه عالم بأن الأبصار لا تدركه و إنما هي آلة يدرك بها و إنما منع موسى من الرؤية لكونه سألها عن غير أمر إلهي أوحي به إليه فإنهم أدباء لا يتبعون إلا ما يوحى به إليهم و لا سيما في الجناب الإلهي فلهذا قيل له ﴿لَنْ تَرٰانِي﴾ [الأعراف:143] ثم استدرك استدراك لطيف بعبده لما انتهى فيه حد عقوبة فوت الأدب بالسؤال ابتداء الذي حمله عليه شوقه فكان مثل السكران فلما علم إن الياس قد قام به فيما طلبه استدرك بالإحالة على الجبل في استقراره عند التجلي و الجبل من الممكنات فتجلى له ربه فاندك عند ذلك التجلي لكون روحه ما أوجده اللّٰه لحفظ الصورة على الجبل مثل الأرواح المدبرة و إنما أوجده ليكون مسبحا له فلذلك لم تحفظ عليه صورة الجبلية و أثر فيه التجلي و حفظ روح موسى عليه السّلام على موسى في صعقه عند رؤية ما رآه الجبل الذي كان حجابا عليه صورة نشأته ﴿فَلَمّٰا أَفٰاقَ﴾ [الأعراف:143]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية