[إن اللّٰه لا تنقسم ذاته]
فاعلم أنه لا تنقسم ذاته و لا أنه ليس بمركب و لا أنه مركب من شيء و لا أنه جسم و لا أنه ليس بجسم بل قال في صفته إنه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] و لما لم يتعرض الحق سبحانه إلى تعريف عباده بما خاضوا فيه بعقولهم و لا أمرهم اللّٰه في كتابه بالنظر الفكري إلا ليستدلوا بذلك على أنه إله واحد أي أنها لا تدل إلا على الوحدانية في المرتبة ف ﴿لاٰ تَتَّخِذُوا إِلٰهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمٰا هُوَ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ﴾ [النحل:51] فزادوا في النظر و خرجوا عن المقصود الذي كلفوه فأثبتوا له صفات لم يثبتها لنفسه و نفت عنه طائفة أخرى تلك الصفات و لم ينفها عن نفسه و لا نص عليها في كتابه و لا على السنة أنبيائه ثم اختلفوا في إطلاق الأسماء عليه فمنهم من أطلق عليه ما لم يطلق على نفسه و إن كان اسم تنزيه و لكنه فضول من القائل به و الخائض فيه ثم أخذوا يتكلمون في ذاته و قد نهاهم الشرع عن التفكر في ذاته جل و تعالى و قد قال سبحانه ﴿وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّٰهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران:28] أي لا تتعرضوا للتفكر فيها فانضاف إلى فضولهم عصيان الشرع بالخوض فيما نهوا عنه فمن قائل هو جسم و من قائل ليس بجسم و من قائل هو جوهر و من قائل ليس بجوهر و من قائل هو في جهة و من قائل ليس في جهة و ما أمر اللّٰه أحدا من خلقه بالخوض في ذلك جملة واحدة لا النافي و لا المثبت و لو سألوا عن تحقيق معرفة ذات واحدة من العالم ما عرفوها و لو قيل لهذا الخائض كيف تدبير نفسك لبدنك و هل هي داخلة فيه أو خارجة عنه أو لا داخلة و لا خارجة و انظر بعقلك في ذلك و هل هذا الزائد الذي يتحرك به هذا الجسم الحيواني و يبصر و يسمع و يتخيل و يتفكر لما ذا يرجع هل لواحد أو لكثيرين و هل يرجع إلى عرض أو إلى جوهر أو إلى جسم و تطلبه بالأدلة العقلية على ذلك دون الشرعية ما وجد لذلك دليلا عقليا أبدا و لا عرف بالعقل أن للأرواح بقاء و وجودا بعد الموت و كل ما اتخذوه دليلا في ذلك مدخول لا يقوم على ساق فما من مأخذ فيه إلا و هو ممكن و الممكن لا يقوم دليل عقلي على وجوب وجوده و لا وجوب عدمه إذ لو كان كذلك لاستحالت حقيقة إمكانه فما لنا إلا ما نص عليه الشرع فالعاقل يشغل نفسه بالنظر في الأوجب عليه لا يتعداه فإن المدة يسيرة و الأنفاس نفائس و ما مضى منها لا يعود
[إن اللّٰه إله واحد لا إله إلا هو]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية