[التشكيك في الحواس و غلط السوفسطائية]
و إن جاءك الشيطان من جهة الشمال بشبهات التعطيل أو وجود الشريك لله تعالى في ألوهيته فطردته فإن اللّٰه يقويك على ذلك بدلائل التوحيد و علم النظر فإن الخلف للمعطلة و دفعهم بضرورة العلم الذي يعلم به وجود الباري فالخلف للتعطيل و الشمال للشرك و اليمين للضعف و من بين أيديهم التشكيك في الحواس و من هنا دخل التلبيس على السوفسطائية حيث أدخل لهم الغلط في الحواس و هي التي يستند إليها أهل النظر في صحة أدلتهم و إلى البديهيات في العلم الإلهي و غيره فلما أظهر لهم الغلط في ذلك قالوا ما ثم علم أصلا يوثق به فإن قيل لهم فهذا علم بأنه ما ثم علم فما مستندكم و أنتم غير قائلين به قالوا و كذلك نقول إن قولنا هذا ليس بعلم و هو من جملة الأغاليط يقال لهم فقد علمتم إن قولكم هذا ليس بعلم و قولكم إن هذا أيضا من جملة الأغاليط إثبات ما نفيتموه فأدخل عليهم الشبه فيما يستندون إليه في تركيب مقدماتهم في الأدلة و يرجعون إليه فيها و لهذا عصمنا اللّٰه من ذلك فلم يجعل للحس غلطا جملة واحدة و إن الذي يدركه الحس حق فإنه موصل ما هو حاكم بل شاهد و إنما العقل هو الحاكم و الغلط منسوب إلى الحاكم في الحكم و معلوم عند القائلين بغلط الحس و غير القائلين به إن العقل يغلط إذا كان النظر فاسدا أعني نظر الفكر فإن النظر ينقسم إلى صحيح و فاسد فهذا هو من بين أيديهم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية