[إن العمل إما حسي و إما قلبي]
فاعلم إن العمل منه حسي و قلبي و ميزانه من جنسه فميزان العمل أن ينظر إلى الشرع و كيف أقام صور الأعمال على أكمل غاياتها قلبيا كان ذلك العمل أو حسيا أو مركبا من حس و قلب كالنية و الصلاة من الحركات الحسية فقد أقام الشرع لها صورة روحانية يمسكها عقلك فإذا شرعت في العمل فلتكن عينك في ذلك المثال الذي أخذته من الشارع و اعمل ما أمرت بعمله في إقامة تلك الصورة فإذا فرغت منها قابلها بتلك الصورة الروحانية المعبر عنه بالمثال الذي حصلته من الشارع عضوا عضوا و مفصلا مفصلا ظاهرا و باطنا فإن جاءت الصورة فيها بحكم المطابقة من غير نقصان و لا زيادة فقد أقمت الوزن بالقسط و لم تطغ فيه و لم تخسره فإن الزيادة في الحد عين النقص في المحدود فإذا وزنت عملك مثل هذا الوزن كانت صورة عملك مقدارا للجزاء الذي عينه الحق لك عليه سواء كان ذلك العمل محمودا أو مذموما فإن الشرع أيضا كما أقام لك صورة العمل المحمود لتعمله و بينه لك لتعرفه كذلك أقام لك صورة العمل المذموم لتعرفه و تميزه من المحمود و نهاك أن تعمل عليه صورة تطابقه فإن خالفت و عملت صورة تطابق تلك الصورة طلبت تلك الصورة موازنتها من الجزاء فإن اتفق أن يدخلها الحق في الميزان بالجزاء فإنه لا يزيد عليها في المقدار وزن ذرة أصلا هذا إذا أقام الوزن عليه بالجزاء و كان عذابه في النار جزاء على قدر عمله لا يزيد و لا ينقص لا في العمل و لا في مقدار الزمان و الإصرار من الأعمال المنهي عن عملها و لا يزيله إلا التوبة فإن مات عليه خيف عليه و لم يقطع و إذا أدخل الحق صورة العمل الصالح الميزان و وزنه بصورة الجزاء رجحت عليه صورة الجزاء أضعافا مضاعفة و خرجت عن الحد و المقدار منة من اللّٰه و فضلا و هو قوله تعالى ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاٰ يُجْزىٰ إِلاّٰ مِثْلَهٰا﴾ [غافر:40] كما ذكرناه و قال في الأخرى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية