فالمؤمن لا ينقصه من أجره الأخروي شيء و الذمي يعطى أجره في الدنيا إما بمنفعة معجلة أو دفع مضرة معجلة يكون ذلك لهذا العامل في الآخرة محققا و قد يجمع له بين الدنيا و الآخرة فيرى العامل ما تحمل تلك التوابيت من الأشياء النفيسة و مالها و قد حصل له البشرى بأنها له ملك إذا حملها بحيث يفنى في حبها و التعشق بها فيهون عليه حملها و يخف لحمل الهمة إياها فلا يجد فيها مشقة و هو حال تلذذه بالأذى و بما يحسن لأهل الذمة و آخر ينظر إلى ثقلها و هو المؤمن الذي لا كشف عنده إلا مجرد تصديق الخبر فيجدها ثقيلة المحمل فمنهم من يحملها بمشقة و كلفة لغلبة التصديق بما فيها و للحرص الشديد و الطمع في أخذها و ملكها لكون الآمر يحملها قال له هي لك في أجر حملك و منهم من ثقلت عليه فأخرج منها جملة طرحها في الأرض ليخف عنه الثقل الذي يجده فلما خف حمله ببعض ما طرح منها حمل ما بقي و كلما طرحه من ذلك عاد ذلك المطروح حديدا و رصاصا و نحاسا و زيد في التوابيت التي على شماله و التوابيت التي أقيمت له على شماله كلها مملوءة حديدا و نحاسا و قطرانا و آنكا و شبه ذلك مما يثقل و تكره رائحته و قيل له هذه التوابيت يحملها على ظهرك على ترتيب ما قررناه في توابيت اليمين و توصلها إلى دار ذات لهب و زمهرير و ما تحوي عليه هذه التوابيت ملكك و هذا قوله تعالى ﴿وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقٰالَهُمْ وَ أَثْقٰالاً مَعَ أَثْقٰالِهِمْ﴾ [ العنكبوت:13]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية