و مما يختص به هذا المنزل من العلوم أيضا إن اللّٰه لما خلق العقل الأول أعطاه من العلم ما حصل له به الشرف على من هو دونه و مع هذا ما قال فيه إنه مخلوق على الصورة مع أنه مفعول إبداعي كما هي النفس مفعول انبعاثي فلما خلق اللّٰه الإنسان الكامل أعطاه مرتبة العقل الأول و علمه ما لم يعلمه العقل من الحقيقة الصورية التي هي الوجه الخاص له من جانب الحق و بها زاد على جميع المخلوقات و بها كان المقصود من العالم فلم تظهر صورة موجود إلا بالإنسان و العقل الأول على عظمه جزء من الصورة و كل موجود مما عدا الإنسان إنما هو في البعضية و لهذا ما طغى أحد من الخلائق ما طغى الإنسان و علا في وجوده فادعى الربوبية و أكبر العصاة إبليس و هو الذي يقول ﴿إِنِّي أَخٰافُ اللّٰهَ رَبَّ الْعٰالَمِينَ﴾ [المائدة:28] عند ما يكفر الإنسان إذا وسوس في صدره بالكفر و ما ادعى قط الربوبية و إنما تكبر على آدم لا على اللّٰه فلو لا كمال الصورة في الإنسان ما ادعى الربوبية فطوبى لمن كان على صورة تقتضي له هذه المنزلة من العلو و لم تؤثر فيه و لا أخرجته من عبوديته فتلك العصمة التي حبانا اللّٰه بالحظ الوافر منها في وقتنا هذا فالله يبقيها علينا فيما بقي من عمرنا إلى أن نقبض عليها أنا و جميع إخواننا و محبينا بمنه لا رب غيره و من هذا المنزل تعرف عقوبة من لم يعرف قدره و جاز حده و احتجب بالصورة عما أراد الحق منه في خلقه بما أخبر به في شريعته فقال
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية