﴿عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [هود:17] في إن تلك آية بينة على صدق دعوى من ظهرت على يديه فيما ادعاه فعلمت من هذا أن الشيء لا ينفعك إلا إذا كان فيك و لا يضرك إلا إذا كان فيك و لهذا نقول في كثير من كلامنا إن حقيقة العذاب هو وجود الألم فيك لا أسبابه سواء وقعت الأسباب فيك أو في غيرك فلا نقول في الأشياء إلا أن تقوم لك منك و أقلها أن يقوم بك التصديق بما يتحقق به أهل طريق لله بأنه حق و إن لم تذقه و لا تخالفهم فتكون على بينة من ربك و لا بد في كونهم صادقين و بتلك البينة التي أنت عليها توافقهم في ذلك فأنت منهم في مشرب من مشاربهم فإنهم أيضا ممن يوافق بعضهم بعضا فيما يتحققون به في الوقت و إن كان لا يدرك هذا ذوقا ما أدركه صاحبه فيقر له به و يسلمه له و لا ينكره لارتفاع التهمة و مجالسة هؤلاء الأقوام لغير المؤمن بهم خطر عظيم و خسران مبين كما قال بعض السادة و أظنه رويما من قعد معهم و خالفهم في شيء مما يتحققون به في سرائرهم نزع اللّٰه نور الايمان من قلبه فلا يزال الإنسان على الحالة التي هو عليها حتى يقوم له الشاهد بالخروج عنها فمن كان في حالة الكتم كتم و من كان في حالة الإظهار أظهر و أفشى ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلىٰ شٰاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدىٰ سَبِيلاً﴾ [الإسراء:84]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية