و ذلك أن الغيب إذا ثقل عليه الأمر و ضاق عنه و لم يتسع له استراح على عالم الشهادة فتنفس الغيب تنفس الحامل المثقل فأبرز في عالم الشهادة ما كان ثقل عليه حمله و هو في المعنى كما يثقل على الإنسان كتم سره و حمل همه إذا لم يجد من يستريح عليه من إخوانه فإذا وجد أخا يبث إليه من همه الذي هو فيه و ثقل عليه ما يجد في بثه له راحة بما أخذه منه صاحبه فكأنه قاسمه فيه فخف عليه فإن كان ما وقع له به الهم تحت قدرة من يبثه إليه من إخوانه فقضى حاجته أزال ذلك الثقل عنه بالكلية فمثل هذا هو الثقل الذي يكون في الغيب فيستريح على الشهادة و سبب ذلك كونه ليس له إنما هو أمانة عنده للشهادة و إذا كان المطلوب من ذلك الأمر الشهادة فإنما هو عند الغيب أمانة فيكون الغيب مكلفا بحفظها و أدائها في وقتها إلى الشهادة فبالضرورة يثقل عليه أ لا ترى إلى قول اللّٰه تعالى ﴿إِنّٰا عَرَضْنَا الْأَمٰانَةَ عَلَى السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبٰالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهٰا وَ أَشْفَقْنَ مِنْهٰا وَ حَمَلَهَا الْإِنْسٰانُ إِنَّهُ كٰانَ ظَلُوماً﴾ [الأحزاب:72] يعني لنفسه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية