الحق في تلك الحضرة عند تلك النظرة هل كان بينكم و بينه علامة تعرفونه بها فيقولون نعم فيتحول لهم سبحانه في تلك العلامة مع اختلاف العلامات فإذا رأوها و هي الصورة التي كانوا يعبدونه فيها حينئذ اعترفوا به و وافقهم العارف بذلك في اعترافهم أدبا منه مع اللّٰه و حقيقة و أقر له بما أقرت الجماعة فهذه فائدة علم المواقف و ما ثم منزل و لا مقام كما قلنا إلا و بينهما موقف إلا منزلان أو حضرتان أو مقامان أو حالان أو منازلتان كيف شئت قل ليس بينهما موقف و سبب ذلك أنه أمر واحد غير أنه يتغير على السالك حاله فيه فيتخيل أنه قد انتقل إلى منزل آخر أو حضرة أخرى فيحار لكونه لم ير الحق أوقفه و التغيير عنده حاصل فلا يدري هل ذلك التغير الذي ظهر فيه هل هو من انتقاله في المنزل أو انتقاله عنه فإن كان هنالك عارف بالأمر عرفه و إن لم يكن له أستاذ بقي التلبيس فإنه من شأن هذا الأمر أن لا يوقفه الحق كما فعل معه فيما تقدم و كما يفعل معه فيما يستقبل فيخاف السالك من سوء الأدب في الحال الذي يظهر عليه هل يعامله بالأدب المتقدم أوله أدب آخر و هذا لمن أوقفه الحق من السالكين فإذا لم يوقفه الحق في موقف من هذه المواقف و لم يعطه الفصل بين ما ينتقل إليه و عنه كان عنده الانتقالات في نفس المنزل الذي هو فيه فإنه ما ثم عند صاحب هذا الذوق إلا أمر واحد فيه تكون الانتقالات و هو كان حال المنذري صاحب المقامات و عليها بنى كتابه المعروف بالمقامات و أوصلها إلى مائة مقام في مقام واحد و هو المحبة فمثل هذا لا يقف و لا يتحير و لكن يفوته علم جليل من العلم بالله و صفاته المختصة بما ينتقل إليه فلا يعرف المناسبات من جانب الحق إلى هذا المنزل فيكون علمه علم إجمال قد تضمنه الأمر الأول عند دخوله إلى هذه الحضرات و يكون علم صاحب المواقف علم تفصيل و لكن يعفى عنه ما يفوته من الآداب إذا لم تقع منه و تجهل فيه و لا يؤثر في حاله بل يعطي الأمور على ما ينبغي و لكن لا يتنزل منزلة الواقف و لا يعرف ما فاته فيعرفه الواقف و هو لا يعرف الواقف فلهذا المنزل الذي نحن فيه موقف يجهل لا بل يحار فيه صاحب المواقف لأن المناسبة بين ما يعطيه الموقف الخاص به و بين هذا المنزل بعيدة مما بنى المنزل عليه و كذلك الذي يأتي بعده غير أن النازل فيه و إن كان حائرا فإنه يحصل له من الموقف في تلك الوقفة إذا ارتفعت المناسبة بين المنزل و الوقفة إن المناسبة ترجع بين الوقفة و النازل فيعرف ما تستحقه الحضرة من الآداب مع ارتفاع المناسبة فيشكر اللّٰه على ذلك فصاحب المواقف متعوب لكنه عالم كبير و الذي لا موقف له مستريح في سلوكه غير متعوب فيه و ربما إذا اجتمعا و رأى من لا موقف له حال من له المواقف ينكر عليه ما يراه فيه من المشقة و يتخيل أنه دونه في المرتبة فيأخذ عليه في ذلك و يعتبه فيها و يقول له الطريق أهون من هذا الذي أنت عليه و يتشيخ عليه و ذلك لجهله بالمواقف و أما صاحب المواقف فلا يجهله و لا ينكر عليه ما عامله به من سوء الأدب و يحمله فيه و لا يعرفه بحاله و لا بما فإنه من الطريق فإنه قد علم إن اللّٰه ما أراده بذلك و لا أهله فيقبل كلامه و غايته إن يقول له يا أخي سلم إلى حالي كما سلمت إليك حالك و يتركه و هذا الذي نبهتك عليه من أنفع ما يكون في هذا الطريق لما فيه من الحيرة و التلبيس فافهم ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية