فهذا الفرق بين المعرب و المبني فإذا رخم الاسم فقد ينتقل إعرابه إلى آخر ما يبقى من حروف الكلمة فتقول يا حار هلم بعد ما كانت الراء مكسورة نقل إليها حركة الثاء ليعرف السامع أنه قد حذف من الاسم حرف فإنه إنما يعرف المنادي اسمه إذا كان اسمه حارثا بالثاء فإذا حذف الثاء ربما يقول ما هو أنا فإذا نقل إلى الراء حركة الثاء علم أنه المقصود كذلك إذا نودي العبد باسم إلهي ربما يقع في نفسه أنه جدير بذلك الاسم فينقل وصف عبوديته إلى ذلك الاسم الإلهي الذي نودي به هذا العبد فيعرف أنه المقصود من كونه عبدا لاستصحاب الصفة له هذا إذا نقل و إذا لم ينقل حركة المحذوف من الاسم لما بقي و ترك على حاله كان القصد في ذلك قصدا آخر و هو ترك كل حق على حقيقته حتى لا يكون لكون أثر في كون و لا يظهر لكون خلعة على كون ليكون المنفرد بذلك هو اللّٰه تعالى فإن الضمة التي على الثاء من حارث هي لباسه فإذا خلعها على الراء في الترخيم فقد خلع كون على كون فربما قصده المخلوع عليه بالعبودية له و الثناء عليه و الخلع على الحقيقة إنما هو للمتكلم المنادي لا لحرف الثاء فالمنادي هو الذي خلع على الراء الرفع الذي كان لحرف الثاء لما أزال عينه من الوجود كخلع القطبية و الإمامة من الشخص الذي فقد عينه إلى الشخص الذي قام في ذلك المقام إذ كان اللّٰه هو الذي أقامه لا هذا الإمام الذي درج فهذا قد بينا في هذا المنزل بعض ما عندنا من أسراره ليقع التنبيه على ما فيه للطالب إن شاء اللّٰه تعالى ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
«الباب السادس و السبعون و مائتان في معرفة منزل الحوض و أسراره من المقام المحمدي»
الحوض منزل وصف الماء بالكدر *** و هي العلوم التي تختص بالبشر
فالماء في العين صاف ما به كدر *** و القعر يظهر ما فيه من الكدر
و علة الرنق كون الفكر ينتجه *** فاطلب من العلم ما يسمو عن الفكر
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية