﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ﴾ [النساء:78] و ما هو موصوف بأنه عندك فليس هو عينك و الإعدام و الإيجاد بين إرادته سبحانه و قدرته و لهذا قلنا إن الخير فعل الحق و لم نقل في الشر فعلا و إنما قلنا إن ذلك العدم المطلق أصله فحررنا العبارة عنه ليعرف العاقل الناظر في كتابي هذا ما أردناه و إذ قد تبين هذا الأصل النافع في هذا الباب فلنقل و مما يلجأ إليه في دفع ما يكره من الأفعال ما تتلوه الشياطين على ملك سليمان من علم السحر الذي مزجوه بما أنزل على الملكين هاروت و ماروت من علم الحق فعلم الحق من ذلك هو العلم بالأمور التي تسمى معجزات فإن الحق معجز و هو النور الذي يستند إليه و علم الباطل من ذلك علم الخيال الذي قال فيه ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ﴾ [ طه:66] و لهذا سمي السحر سحرا مأخوذ من السحر و هو اختلاط الضوء و الظلمة فالسحر له وجه إلى الظلمة و ليس ظلاما خالصا و له وجه إلى الضوء و ليس ضوءا خالصا كذلك السحر له وجه إلى الحق و هو ما ظهر إلى بصر الناظر فإنه حق و له وجه إلى الباطل لأنه ليس الأمر في نفسه على ما أدركه البصر فلهذا سمته العرب سحرا و سمي العامل به ساحر إلا العالم به و لهذا سمي كيدا من كاد يكيد أي كاد يقارب الحق قال تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية