﴿يٰا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمٰائِهِمْ﴾ فأنبأهم آدم بأسمائهم الإلهية التي أوجدتهم و أسندوا إليها في إيجاد أعيانهم لا أسماء الاصطلاح الوضعي الكوني فإنه لا فائدة فيه إلا بوجه بعيد أضربنا عن ذكره حين علمنا أنه لم يكن المقصود فإنا ما نتكلم و لا نترجم إلا عما وقع من الأمر لا عما يمكن فيه عقلا و هذا الفرق بين أهل الكشف فيما يخبرون به و هم أهل البصائر و بين أهل النظر العقلي و الفائدة إنما هي فيما وقع لا فيما يمكن فإن ذلك علم لا علم و ما وقع فهو علم محقق
[الأنوار الطبيعة]
و أما أنوار الطبيعة فهي أنوار يكشف بها صاحبها ما تعطيه الطبيعة من الصور في الهباء و ما تعطيه من الصور في الصورة العامة التي هي صورة الجسم الكل و هذه الأنوار إذا حصلت على الكمال تعلق علم صاحبها بما لا يتناهى و هو عزيز الوقوع عندنا و أما عند غيرنا فهو ممنوع الوقوع عقلا حتى إن ذلك في الإله مختلف فيه عندهم و ما رأينا أحدا حصل له على الكمال و لا سمعنا عنه و لا حصل لنا و إن ادعاها إنسان فهي دعوى لا يقوم عليها دليل أصلا مع إمكان حصول ذلك و أنوار الطبيعة مندرجة في كل ما سوى الحق و هي نفس الرحمن الذي نفس اللّٰه به عن الأسماء الإلهية و أدرجها اللّٰه في الأفلاك و الأركان و ما يتولد من الأشخاص إلى ما لا يتناهى
[أنوار الرياح]
و أما أنوار الرياح فهي أنوار عنصرية أخفاها شدة ظهورها فغشيت الأبصار عن إدراكها و ما شاهدتها إلا في الحضرة البرزخية و إن كان اللّٰه قد أتحفنا برؤيتها حسا بمدينة قرطبة يوما واحدا اختصاصا إلهيا و ورثا نبويا محمديا و هذه الأنوار الرياحية لها سلطان و قوة على جميع بنى آدم إلا أهل اللّٰه فإن هذه الأنوار تندرج في أنوارهم اندراج أنوار الكواكب في نور الشمس و ذلك لضعف نور البصر و إذا غشيت هذه الأنوار من شاء اللّٰه من العامة لا تغشاه إلا كالسحاب المظلم و إذا غشيت أهل اللّٰه لا تغشاهم إلا و هي أنوار على هيأتها
[أنوار الأرواح]
و أما أنوار الأرواح فمنا من يجعلها أنوار العقول و منا من يجعلها أنوار الرسل و لها القوة و السلطان و النفوذ في الكون لا يقف لها شيء غير أن لها حدودا تقف عندها لا تتعداها إذا شاهدها العبد يكشف بها ما غاب من العلوم المضنون بها على غير أهلها و هي أنوار سبوحية قدوسية تنزل من الحق المخلوق به إلى سدرة المنتهى و تطرح شعاعاتها على قلوب العارفين أهل الشهود التام فقلوبهم مطارح شعاعات هذه الأنوار و ليس في هذا الصنف الإنساني أكمل منهم في العلم فإن هذه الأنوار لا يقف لها حجاب إلا المشيئة الإلهية خاصة و قليل من عباد اللّٰه من تطرح على قلبه هذه الأنوار شعاعاتها على الكشف و هي مجالي الصادقين من عباد اللّٰه تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية