اعلم أن التحلي بالحاء المهملة في اصطلاح الطائفة التشبه بأحوال الصادقين في أقوالهم و أفعالهم و هذا في الطريق عندنا مدخول و من أسماء اللّٰه الصادق و أن الصادقين من أحوالهم التحلي بالحاء المهملة فلا بد من معرفة ما يتحلى به فهل تحلوا بما هو لغيرهم فتزينوا بما ليس لهم فهم لابسو أثواب زور أو تحلوا بما هو لهم فهم صادقون و التحلي عندنا هو التزين بالأسماء الإلهية على الحد المشروع بحيث أن يعسر التمييز و هم الذين إذا رؤوا ذكر اللّٰه كعرش بلقيس لما قامت لها شبهة بعد المسافة فقالت ﴿كَأَنَّهُ هُوَ﴾ [النمل:42] و لو شاهدت الاقتدار الإلهي لعلمت أنه هو كما كان هو من غير زيادة و إذا حصل الإنسان في هذا المقام بهذا التحلي و لم يحجبه هذا التحلي في حال تزينه به و أنه له حقيقة ما استعاره بل ذلك ملكه و ما له و لا منعه عن شهود عبوديته لربه و إن نسبة ما ظهر به مما هو نعت لخالقه ما كان تشبها و إنما كان تزينا فذلك التحلي و يقول الحكماء في هذه الحالة إنه التشبه بالإله جهد الطاقة و هذا القول إذا حققته جهل من قائله لأن التشبه في نفس الأمر لا يصح فمن قامت به صفة فهي له و هو مستعد لقيامها به فباستعداد ذاته اقتضاها فما تشبه أحد بأحد بل الصفة في كل واحد كما هي في الآخر و إنما حجب الناس التقدم و التأخر و كون الصورة واحدة فلما رأوها في المتقدم ثم رأوها في المتأخر قالوا إن المتأخر تشبه بالمتقدم في هذه الصورة و ما علموا أن حقيقتها في المتأخر حقيقتها في المتقدم و لو كان الأمر كما قالوه لزاحمت العبودية الربوبية و لبطلت الحقائق فما تحلى العبد إلا بما هو له و لا ظهر الحق إلا بما هو له لا من صفات التنزيه و لا من صفات التشبيه كل ذلك له و لو لم يكن الأمر كذلك لكان ما وصف نفسه به من ذلك كذبا و تعالى اللّٰه بل هو كما وصف نفسه من العزة و الكبرياء و الجبروت و العظمة و نفي المماثلة كما وصف نفسه بالنسيان و المكر و الخداع و الكيد و الفرح و المعية و غير ذلك فالكل صفة كمال لله تعالى فهو موصوف بها كما تقتضيه ذاته و أنت موصوف بها كما تقتضيها
ذاتك و العين واحدة و الحكم مختلف *** و العبد يعبد و الرحمن معبود
فليس التحلي في الحقيقة تشبه فإنه محال في نفس الأمر و ما قال به إلا من لا معرفة له بالحقائق و كذلك كنا
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية