[عجائب أرض الحقيقة]
و من أعجب ما فيها إدراك الألوان في الأجسام السفلية التي هي كالهواء و يتعلق الإدراك بألوانها كما يتعلق بالألوان التي في الأجسام الكثيفة و على أبواب مدائنها عقود من الأحجار الياقوتية كل حجر منها يزيد على الخمسمائة ذراع و علو الباب في الهواء عظيم و عليه معلق من الأسلحة و العدد ما لو اجتمع ملك الأرض كلها ما و في بها و عندهم ظلمة و نور من غير شمس تتعاقب و بتعاقبهما يعرفون الزمان و ظلمتهم لا تحجب البصر عن مدركه كما لا يحجبه النور و يغزو بعضهم بعضا من غير شحناء و لا عداوة و لا فساد بنية و إذا سافروا في البحر و غرقوا لا يعدو عليهم الماء كما يعدو علينا بل يمشون فيه كمشي دوابه حتى يلحقوا بالساحل و تحل بتلك الأرض زلازل لو حلت بنا لانقلبت الأرض و هلك ما كان عليها و قال لقد كنت يوما مع جماعة منهم في حديث و جاءت زلزلة شديدة بحيث إني رأيت الأبنية تتحرك كلها تحركا لا يقدر البصر يتمكن من رؤيتها السرعة الحركة مرورا و كرورا و ما عندنا خبر و كانا على الأرض قطعة منها إلى أن فرغت الزلزلة فلما فرغت و سكنت الأرض أخذت الجماعة بيدي و عزتني في ابنة لي اسمها فاطمة فقلت للجماعة إني تركتها في عافية عند والدتها قالوا صدقت و لكن هذه الأرض ما تزلزل بنا و عندنا أحد إلا مات ذلك الشخص أو مات له أحد و إن هذه الزلزلة لموت ابنتك فانظر في أمرها فقعدت معهم ما شاء اللّٰه و صاحبي ينتظرني فلما أردت فراقهم مشوا معي إلى فم السكة و أخذوا خلعتهم و جئت إلى بيتي فلقيت صاحبي فقال لي إن فاطمة تنازع فدخلت عليها فقضت و كنت بمكة مجاورا فجهزناها و دفناها بالمعلى فهذا من أعجب ما أخبرت عن تلك الأرض و رأيت بها كعبة يطوف بها أهلها غير مكسوة و تكون أكبر من البيت الذي بمكة ذات أركان أربعة تكلمهم إذا طافوا بها و تحييهم و تفيدهم علوما لم تكن عندهم و رأيت في هذه الأرض بحرا من تراب يجري مثل ما يجري الماء و رأيت حجارة صغارا و كبارا يجري بعضها إلى بعض كما يجري الحديد إلى المغناطيس فتتألف هذه الحجارة و لا تنفصل بعضها من بعض بطبعها إلا إن فصلها فاصل مثل ما يفصل الحديد عن المغناطيس ليس في قوته أن يمتنع فإذا ترك و طبعه جرت بعضها إلى بعض على مقدار من المساحة مخصوص فتضم هذه الحجارة بعضها إلى بعض فينشأ منها صورة سفينة و رأيت منها مركبا صغيرا و شينيين فإذا التأمت السفينة من تلك الحجارة رموا بها في بحر التراب و ركبوا فيها و سافروا حيث يشتهون من البلاد غير إن قاع السفينة من رمل أو تراب يلصق بعضه ببعض لصوق الخاصية فمما رأيت فيما رأيت أعجب من جريان هذه السفن في ذلك البحر و صورة الإنشاء في المراكب سواء غير أن لهم في جناحي السفينة مما يلي مؤخرها أسطوانتين عظيمتين تعلو المركب أكثر من القامة و أرض المركب من جهة مؤخره ما بين الأسطوانتين مفتوح متساو مع البحر و لا يدخل فيه من رمل ذلك البحر شيء أصلا بالخاصية و هذا شكله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية