[أن للنفس قوتين]
و أعطى اللّٰه هذه النفس قوتين قوة علمية و قوة عملية فبالقوة العلمية تظهر أعيان الصور و بالقوة العلمية تعلم المقادير و الأوزان و من الوجه الخاص يكون القضاء و القدر لهذا و لا يعرف ذلك إلا بعد وقوعه إلا من عرفه اللّٰه بذلك فحكم القضاء و القدر لا بعرف إلا مما ذكرناه بخلاف المقادير و الأوزان فإن ذلك في علم النفس و نسبة هذه النفس إلى كل صورة في العالم نسبة واحدة من غير تفاضل إلا أن الصور تقبل من ذلك بحسب استعداداتها التي هي عليا في ذاتها فيظهر التفاضل و أما هناك فلا تفاضل إلا بينها و بين العقل و لما بينت لك حصر الآيات في الكلام الإلهي الظاهرة في النفس الرحماني كالآيات في القرآن العزيز و في الكتب المنزلة و الصحف المرسلة فإن لها سورا تجمع تلك الآيات و تفصل بعضها من بعض كما جاءت سور القرآن و هي منازله المعلومة الجامعة للآيات كما الآيات جامعات للكلمات كما الكلمات جامعة للحروف كما هي الحروف ظروف المعاني فسور هذه الآيات عشر سور من غير زيادة و لا نقصان فمنها سورة الأصل و هي السورة التي تتضمن كل آية تدل على عين قائمة بنفسها في العالم الحاملة غيرها السورة الثانية سورة المحمول و هي تتضمن كل آية تدل على عين لا تقوم بنفسها بل تفتقر إلى محل و عين يظهر وجودها بذلك المحل و قد تكون تلك العين لازمة و قد تكون عرضية على قدر ما تعطيه حقيقتها و السورة الثالثة سورة الدهر و الرابعة سورة الاستواء و له أصلان الأصل الأول ظرفية العماء و الأصل الثاني ظرفية العرش فالأول ظرفية المعاني و الثاني ظرفية السور و السورة الخامسة سورة الأحوال و السورة السادسة سورة المقدار و السورة السابعة سورة النسب و السورة الثامنة سورة التوصيل و الأحكام و العبارات و الإشارات و الإيماء و ما يقع به الإفهام بين المخاطبين و هو نطق العالم و قول كل قائل و هي الأسماء الإلهية التي علم اللّٰه آدم فمنها ما كانت الملائكة تعلمه و ما اختص آدم إلا بالكل و ما عرض من المسميات إلا ما كانت الملائكة تجهله و السورة التاسعة سورة الآثار الوجودية و السورة العاشرة سورة الكائنات و هي الانفعالات الإلهية و الكونية فهذه عشر تتضمن هذه الآيات فمن علمها كشفا علم الحق و الخلق و من علمها دلالة لم يكمل في علمها كمال أصحاب الكشف و لا تقل هذا رمز بل هذا كله تصريح و إيضاح يعرفه كل عاقل إذا حقق النظر فيه أن الآيات كلها محصورة في هذه السور قديما و حديثا و النفس الكلية هي التي ظهرت عنها معرفة هذه السور لأنها كانت محل إلقاء القلم الإلهي إليها فهي أول منكوح لناكح كوني و كل ما دونها فهو من عالم التولد العقل أبوه و النفس أمه فافهم و لا تلحق بمن قال اللّٰه فيهم إنهم لفي ﴿لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [ق:15] و هم الذين أعرضوا عن كل
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية