﴿فِي لَيْلَةٍ مُبٰارَكَةٍ﴾ [الدخان:3] و هي ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ [القدر:1] الموافقة ليلة النصف من شعبان المخصوصة بالآجال و لهذا نعت هذا التوحيد بأنه ﴿يُحْيِي وَ يُمِيتُ﴾ [البقرة:258] و هو قوله ﴿فِيهٰا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان:4] أي محكم فتظهر الحكم فيه التي جاءت بها الرسل الإلهيون و نطقت بها الكتب الإلهية رحمة بعباد اللّٰه عامة و خاصة فكل موجود يدركها و ما كل موجود يعلم من أين صدرت فهي عامة الحكم خاصة العلم إذ كانت الاستعدادات من القوابل مختلفة فأين نور الشمس من نور السراج في الإضاءة و مع هذا فأخذ الشمس من السراج اسمه و افتقر إليه مع كونه أضوأ منه و جعل نبيه في هذا المقام سراجا منيرا و به ضرب اللّٰه المثل في نوره الذي أنار به السموات و الأرض فمثل صفته بصفة المصباح ثم ذكر ما أوقع به التشبيه مما ليس في الشمس من الإمداد و الاعتدال مع وجود الاختلاف بذكر الشجرة من التشاجر الموجود في العالم لاختلاف الألسنة و الألوان التي جعل اللّٰه فيها من الآيات في خلقه و ذكر المشكاة و ما هي للشمس فلنور السموات و الأرض الذي هو نور اللّٰه مشكاة يعرفها من وحده بهذا التوحيد المبارك الذي هو توحيد البركة و في هذه المشكاة مصباح و هو عين النور الذي تحفظه هذه المشكاة من اختلاف الأهواء و حكمها فيما يقع في السرج من الحركة و الاضطراب و إذا تقوت الأهواء أدى إلى طفئ السرج كذلك يغيب الحق بين المتنازعين و يخفى و يحصل فيه الحيرة لما نزلت ليلة القدر تلاحا رجلان فارتفعت فإنها لا تقبل التنازع و لما كانت الأنبياء لا تأتي إلا بالحق و هو النور المبين لذلك
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية