﴿وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾ [هود:123] فقال تعالى لهم ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ [آل عمران:32] عما دعوتموهم إليه ﴿فَقُلْ حَسْبِيَ اللّٰهُ﴾ [التوبة:129] أي في اللّٰه الكفاية ﴿لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [التوبة:129] فإذا كان رب العرش و العرش محيط بعالم الأجسام و أنت من حيث جسميتك أقل الأجسام فاستكف بالله الذي هو رب مثل هذا العرش و من كان اللّٰه حسبه انقلب ﴿بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ وَ فَضْلٍ﴾ [آل عمران:171] لم يمسسه سوء و جاء في ذلك بما يرضى اللّٰه ﴿وَ اللّٰهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران:174] على من جعله حسبه و الفضل الزيادة أي ما يعطيه على موازنة عمله بل أزيد من ذلك مما يعظم عنده إذا رآه ذوقا و من أعجب ما رأيت من بعض الشيوخ من أهل اللّٰه ممن كان مثل أبي يزيد في الحال و ربما أمكن منه فيه فقعدت مع هذا الشخص يوما بجامع دمشق و هو يذكر لي حاله مع اللّٰه و ما يجري له معه في وقائعه فقال لي إن الحق ذكر له عظم ملكه قال الشيخ فقلت له يا رب ملكي أعظم من ملكك فقال لي كيف تقول و هو أعلم فقلت له يا رب لأن مثلك في ملكي فإنك لي تجيبني إذا دعوتك و تعطيني إذا سألتك و ما في ملكك مثلك قال فقال لي صدقت و ما رأيت أحدا ذهب إلى ما يقارب هذا المذهب أو هو هو سوى محمد بن علي الترمذي الحكيم فإنه يقول في هذا المقام مقام ملك الملك و قد شرحناه في مسائل الترمذي في هذا الكتاب التي سأل عنها أهل اللّٰه في كتاب ختم الأولياء ثم بكى هذا الشيخ أدبا مع اللّٰه و يقول يا أخي هو يجزئني عليه و يباسطني فكنت أقول له إذا كان يفرح بتوبة عبده كما قاله عنه رسوله ﷺ فكيف يكون نظره إلى العارفين به
(التوحيد الثاني عشر)
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية