فهات أ تحفني بأخبارها *** فعهدك اليوم بها أقرب
هذه الأبيات على لطافتها و رقتها من أكثف ما قيل في عشق الأرواح لأن نسيم الأرواح ألطف من نسيم الرياح لأنها بعيدة المناسبة عن عالم الطبيعة و الرياح ليست كذلك فالأرواح إذا تنسمت لا تسوق إلا طيبا فإنها تهب من الحضرة الذاتية من الغيب الأقدس فلا تأتي إلا بكل طيب و طيبة و الرياح ليست كذلك لأنها من عالم الطبيعة فإن مرت على خبيث جاءت بخبيث و إن مرت بطيب جاءت بطيب و نسيم الأرواح إذا مر بخبيث رده طيبا و إذا مر بطيب زاده طيبا فلو كان هذا القائل عاشقا حقيقة لا يتكلم بدعوى زور لم يجعل الطيب من زينب و إن كانت طيبة فلو ذكر أن طيبها زاد به طيب المكان طيبا و جعل محبوبته تنم بأسرارها الرياح فليست بمنيعة الحمى و عالم الطبيعة يخترقها و هو الريح و أخذ يهجو الريح حيث تعجب من أين له هذا النفس الطيب فلو ساق الطيب بطريق المفاضلة بأن يقول من أين هذا النفس الأطيب فإنه لم يكن الريح بأمر زائد على نفس محبوبته إذا حققت لأنها عين الطيب حيث ظهر طيب و سألني بعض أصحابي أن أشرح له هذه الأبيات لو قالها عارف من المحبين الإلهيين فأجبته إلى ذلك فأنا أشرحها إن شاء اللّٰه ثم أعود إلى الكلام على تحقيق النفس في هذا الباب فنقول ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية