﴿وَ أُنْثىٰ﴾ [الحجرات:13] يريد عيسى و من المجموع من ذكر و أنثى يريد بنى آدم بطريق النكاح و التوالد فهذه الآية من جوامع الكلم و فصل الخطاب الذي أوتي محمد صلى اللّٰه عليه و سلم
[جسم آدم و جسم حواء]
و لما ظهر جسم آدم كما ذكرناه و لم تكن فيه شهوة نكاح و كان قد سبق في علم الحق إيجاد التوالد و التناسل و النكاح في هذه الدار إنما هو لبقاء النوع فاستخرج من ضلع آدم من القصيري حواء فقصرت بذلك عن درجة الرجل كما قال تعالى ﴿وَ لِلرِّجٰالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة:228] فما تلحق بهم أبدا و كانت من الضلع للانحناء الذي في الضلوع لتحنو بذلك على ولدها و زوجها فحنو الرجل على المرأة حنوه على نفسه لأنها جزء منه و حنو المرأة على الرجل لكونها خلقت من الضلع و الضلع فيه انحناء و انعطاف
[حب آدم و حب حواء]
و عمر اللّٰه الموضع من آدم الذي خرجت منه حواء بالشهوة إليها إذ لا يبقى في الوجود خلاء فلما عمره بالهواء حن إليها حنينه إلى نفسه لأنها جزء منه و حنت إليه لكونه موطنها الذي نشأت فيه فحب حواء حب الموطن و حب آدم حب نفسه و لذلك يظهر حب الرجل للمرأة إذ كانت عينه و أعطيت المرأة القوة المعبر عنها بالحياء في محبة الرجل فقويت على الإخفاء لأن الموطن لا يتحد بها اتحاد آدم بها فصور في ذلك الضلع جميع ما صوره و خلقه في جسم آدم فكان نشء جسم آدم في صورته كنشء الفاخوري فيما ينشئه من الطين و الطبخ و كان نشء جسم حواء نشء النجار فيما ينحته من الصور في الخشب فلما نحتها في الضلع و أقام صورتها و سواها و عدلها نفخ فيها من روحه فقامت حية ناطقة أنثى ليجعلها محلا للزراعة و الحرث لوجود الإنبات الذي هو التناسل فسكن إليها و سكنت إليه و كانت لباسا له و كان لباسا لها قال تعالى ﴿هُنَّ لِبٰاسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِبٰاسٌ لَهُنَّ﴾ [البقرة:187] و سرت الشهوة منه في جميع أجزائه فطلبها
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية