اعلم أيدك اللّٰه أن الشطح كلمة دعوى بحق تفصح عن مرتبته التي أعطاه اللّٰه من المكانة عنده أفصح بها عن غير أمر إلهي لكن على طريق الفخر بالراء فإذا أمر بها فإنه يفصح بها تعريفا عن أمر إلهي لا يقصد بذلك الفخر «قال عليه السلام أنا سيد ولد آدم و لا فخر» يقول ما قصدت الافتخار عليكم بهذا التعريف لكن أنبأتكم به لمصالح لكم في ذلك و لتعرفوا منة اللّٰه عليكم برتبة نبيكم عند اللّٰه و الشطح زلة المحققين إذا لم يؤمر به فيقولها كما قالها عليه السلام و لهذا بين فقال و لا فخر فإني أعلم أني عبد اللّٰه كما أنتم عبيد اللّٰه و العبد لا يفتخر على العبد إذا كان السيد واحدا و كذا نطق عيسى فبدأ بالعبودية و هو بمنزلة قوله عليه السلام و لا فخر فقال لقومه في براءة أمه و لما علم من نور النبوة التي في استعداده أنه لا بد أن يقال فيه إنه ابن لله فقال ﴿إِنِّي عَبْدُ اللّٰهِ﴾ [مريم:30] فبدأ في أول تعريفه و شهادته في الحال الذي لا ينطق مثله في العادة فما أنا ابن لأحد فأمي طاهرة بتول و لست بابن لله كما أنه لا يقبل الصاحبة لا يقبل الولد و لكني عبد اللّٰه مثلكم ﴿آتٰانِيَ الْكِتٰابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا﴾ [مريم:30] فنطق بنبوته في وقتها عنده و في غير وقتها عند الحاضرين لأنه لا بد له في وقت رسالته أن يعلم بنبوته كما جرت عادة اللّٰه في الأنبياء قبله فهم مأمورون بكل ما يظهر عليهم و منهم من الدعاوي الصادقة التي تدل على المكانة الزلفى و التميز عن الأمثال و الأشكال بالمرتبة المثلى عند اللّٰه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية