و معنى ذلك أنه لا يقال للحق لم كلفتنا و نهيتنا و أمرتنا مع علمك بما قدرته علينا من مخالفتك هذا موضع ﴿لاٰ يُسْئَلُ عَمّٰا يَفْعَلُ﴾ فإنه يقول لهم هل أمرتكم بما تطيقونه أو بما لا تطيقونه عندكم فلا بد أن يقولوا بما جرت العادة به أن نطيقه فقد كلفهم ما يطيقونه فثبت إن لله ﴿اَلْحُجَّةُ الْبٰالِغَةُ﴾ [الأنعام:149] فإنهم جاهلون بعلم اللّٰه فيهم زمان التكليف و الجواب الثاني قد تقدم من أنه لا بد من الايمان به و قد وقع في قبض اللّٰه الذرية و يظهر حكمه في الآخرة فلا يبقى إلا مؤمن و هو في الدار الدنيا معترف بوجوده و إن أشرك فما يشرك إلا بموجود و لهذا ما طلب منه إلا توحيد الأمر له خاصة و هو محبوب الحق و هو معدوم منهم و هو يحب توحيده أن يظهر في هؤلاء الموجودين فهو و إن أحب واحدا فأحبه من كثيرين فمن اتصف به أحبه اللّٰه لكون محبوبه و هو التوحيد ظهر فيه و من أبغضه فلكون محبوبه لم يظهر فيه و هو التوحيد فمال الكل إلى الايمان و قد قررنا ذلك في سبق الرحمة غضب اللّٰه فقد تبين لك معنى الهوى و أما الحب فهو أن يتخلص هذا الهوى في تعلقه بسبيل اللّٰه دون سائر السبل فإذا تخلص له وصفا من كدورات الشركاء من السبل سمي حبا لصفائه و خلوصه و منه سمي الحب الذي يجعل فيه الماء حبا لكون الماء يصفو فيه و يروق و ينزل كدرة إلى قعره و كذلك الحب في المخلوقين إذا تعلق بجناب الحق سبحانه و تخلص له من علاقته بالأنداد الذين جعلها المشركون شركاء لله في الألوهة سمي ذلك حبا بل قال فيه تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية