فجعلك دليلا أي جعل معرفتك بك دليلا على معرفتك به فأما بطريقة ما وصفك بما وصف به نفسه من ذات و صفات و جعله إياك خليفة نائبا عنه في أرضه و إما بما أنت عليه من الافتقار إليه في وجودك و أما الأمران معا لا بد من ذلك و رأينا اللّٰه يقول في العلم بالله المعبر عنه بالمعرفة ﴿سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [فصلت:53] فأحالنا الحق على الآفاق و هو ما خرج عنا و على أنفسنا و هو ما نحن عليه و به فإذا وقفنا على الأمرين معا حينئذ عرفناه و تبين لنا أنه الحق فدلالة اللّٰه أتم و ذلك إنا إذا نظرنا في نفوسنا ابتداء لم نعلم هل يعطي النظر فيما خرج عنا من العالم و هو قوله ﴿فِي الْآفٰاقِ﴾ [فصلت:53] علما بالله ما لا تعطيه نفوسنا أو كل شيء في نفوسنا فإذا نظرنا في نفوسنا حصل لنا من العلم به ما يحصل للناظر في الآفاق فأما الشارع فعلم إن النفس جامعة لحقائق العالم فجمعك عليك حرصا منه كما قال فيه ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ [التوبة:128]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية