و إذا حلت بالجدي أظهرت النقيض و القوابل تقبل بحسب ما هي عليه من المزاج فمهما اختلف مزاجها كان قبولها لما يحدث اللّٰه عند هذه الحركات الفلكية بحسب ما هي عليه و كذلك في الجنان في كل حين من خلق جديد و نعيم جديد حتى لا يقع ملل فإن كل شيء طبيعي إذا توالى عليه أمر ما من غير تبدل لا بد أن يصحب الإنسان فيه ملل فإن الملل نعت ذاتي له فإن لم يغذه اللّٰه بالتجديد في كل وقت ليدوم له النعيم بذلك و إلا كان يدركهم الملل فأهل الجنان يدركون في كل نظرة ينظرونها إلى ملكهم أمرا و صورة لم يكونوا رأوها قبل ذلك فينعمون بحدوثها و كذلك في كل أكلة و شربة يجدون طعما جديدا لذيذا لم يكونوا يجدونه في الأكلة الأولى فينعمون بذلك و تعظم شهوتهم و السبب في سرعة هذا التبدل و بقائه أن الأصل على ذلك فيعطي في الكون بحسب ما تعطيه حقيقة مرتبته ليكون خلاقا على الدوام و يكون الكون فقيرا على الدوام فالوجود كله متحرك على الدوام دنيا و آخرة لأن التكوين لا يكون عن سكون فمن اللّٰه توجهات دائمة و كلمات لا تنفد و هو قوله ﴿وَ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ بٰاقٍ﴾ [النحل:96] فعند اللّٰه التوجه و هو قوله تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية