﴿آتَيْنٰاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا﴾ [الكهف:65] قبل أن يذكر ما أعطاه ثم ذكر بعد ذلك الذي أعطاه من أجل رحمته به فقال ﴿وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً﴾ [الكهف:65] فلهذا قدمت الملائكة الرحمة و سكتت عن ذكر العصاة في دعائها فبين كلمة عيسى في حق قومه و بين دعاء الملائكة في حق العبيد العصاة من الأدب بون كثير لمن نظر و استبصر
[طريقة محمد ﷺ في طلب المغفرة لقومه من ربه]
و لهذا قام النبي محمد ﷺ بهذه الآية ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبٰادُكَ﴾ [المائدة:118] ليلة كاملة ما زال يرددها حتى طلع الفجر إذ كانت كلمة غيره فكان يكررها حكاية و قصده معلوم في ذلك كما قيل في المثل
إياك أعني فاسمعي يا جارة
و لم يقم ليلة كاملة بآية قول الملائكة لأن مناسبته لعيسى أقرب و مناسبة عيسى للملائكة أقرب لأن جبريل توجه على أمه مريم في إيجاد عيسى بشرا سويا فسلك محمد ﷺ طريقا بين طريقين في طلب المغفرة لقومه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية