﴿إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ﴾ [النحل:40]
[المحبة لا تتعلق إلا بمعدوم]
فهذا الخبر من الفتوة كيف كنى عن نفسه أنه أحب أن يعرف و من هذه صفته غطى على ما يجب له من الغني المطلق لأن المحبة لا تتعلق إلا بمعدوم و قد يكون ذلك المعدوم في معدوم أو في موجود فإن كان في معدوم فلا بد أيضا من وجوده حتى يظهر فيه ما أحب إيجاده و إن كان في موجود فأظهر فيه ما أحببته فلا بد أن يكون ما ذكره سترا على الغني المطلق و إيثار الجناب هذا المحبوب حيث تعلق به من له الغني فيورثه عزة في نفسه حيث كان مقصودا لمن له صفة الغني
[سبب الوجود هو ظهور الكمال الوجودي و العلمي]
و كان سبب الوجود إن الوجود و العلم طلبا بالحال من اللّٰه كمال مرتبتهما في التقسيم العقلي فأوجدهما منة لظهور الكمال الوجودي و العلمي هذا أصله منة منه فأعرض عن هذا و نسب وجود العالم لمحبته أن يعرف حتى لا يشم منه كمال الوجود و العلم رائحة المنة أيضا كما ذكر في القرآن سواء و إذا كان الحق قد نزل مع عباده في مكارم الأخلاق التي هي الفتوة إلى هذا الحد فالعبد أولى بهذه الصفة أن يتخلق بها
[الفتوة إظهار المنن و الآلاء و ستر العطاء و الاستعلاء]
فالفتوة على الحقيقة إظهار الآلاء و المنن و ستر المنة و الامتنان كما قال ﴿لاٰ تُبْطِلُوا صَدَقٰاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذىٰ﴾ [البقرة:264] تخلقا إلهيا فإنه سبحانه تصدق علينا بالوجود و المعرفة به و ما من علينا بذلك و أما قوله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية