﴿وَ فِي الْآخِرَةِ وَ لَكُمْ فِيهٰا مٰا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ﴾  [فصلت:31] من شهادتنا لها و شفاعتنا فيها في هذا الموطن  ﴿وَ لَكُمْ(فِيهٰا) مٰا تَدَّعُونَ﴾  من الدعة  ﴿نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾  [فصلت:32] بشهادتنا و شفاعتنا حيث قبلها فأسعدكم اللّٰه بها فستركم في كنفه و أدخلكم في رحمته هذا معنى الاستقامة المتعلقة بالنجاة 
[الاستقامة التي تطلبها حكمة اللّٰه السارية في الكون]
 و أما الاستقامة التي تطلبها حكمة اللّٰه فهي السارية في كل كون قال تعالى مصدقا لموسى ع  ﴿أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾  [ طه:50] فكل شيء في استقامة حاصلة فاستقامة النبات أن تكون حركته منكوسة و استقامة الحيوان أن تكون حركته أفقية و إن لم يكن كذلك لم ينتفع بواحد منهما لأن حركة النبات إن لم تكن منكوسة حتى يشرب الماء بأصولها لم تعط منفعة إذ لا قوة له إلا كذلك و كذلك الحيوان لو كانت حركته إلى العلو و قام على رجلين مثلنا لم يعط فائدة الركوب و حمل الأثقال على ظهره و لا حصلت به المنفعة التي تقع بالحركة الأفقية فاستقامته ما خلق له فهي الحركة المعتبرة التي تقع بها المنفعة المطلوبة و إلا فالنبات و الحيوان لهما حركة إلى العلو و هو قوله  ﴿وَ النَّخْلَ بٰاسِقٰاتٍ﴾  [ق:10] فلو لا الحركة ما نما علوا و إنما غلبنا عليه الحركة المنكوسة للمنفعة المطلوبة فافهم ذلك 
[الحركة في الوسط و من الوسط و إلى الوسط]
 فإن المتكلمين في هذا الفن ما حرر و الكلام في حقيقة هذه الحركات فالحركة في الوسط مستقيمة لأنها أعطت حقيقتها كحركة الأرض و حركة الكرة و الحركة من الوسط حركة العروج و الحركة إلى الوسط حركة النزول فحركة النزول ملكية و إلهية و حركة العروج حركة بشرية و كلها مستقيمة فما ثم إلا استقامة لا سبيل إلى المخالفة فإن المخالفة  تشاجر أ لا ترى أنه ما وقع التحجير على آدم إلا في الشجرة أي لا تقرب التشاجر و ألزم طريقة إنسانيتك و ما تستحقه و اترك الملك و ما يستحقه و الحيوان و ما يستحقه و كل ما سواك و ما يستحقه و لا تزاحم أحدا في حقيقته فإن المزاحمة تشاجر و خلاف و لهذا لما قرب من الشجرة خالف نهي ربه فكان مشاجرا فذهبت عنه في تلك الحال السعادة العاجلة في الوقت و ما ذهبت عنه استقامة التشاجر فإنه وفاها حقها بمخالفة النهي الإلهي 
[اعوجاج القوس هو استقامته لما أريد له]
 اعوجاج القوس استقامته لما أريد له فما في الكون إلا استقامة فإن موجدة و هو اللّٰه تعالى على صراط مستقيم من كونه ربا فإن دخلت السبل بعضها على بعض و اختلطت فما خرجت عن الاستقامة استقامة الأخلاط و استقامة ما وجدت له فهي في الاستقامة المطلقة التي لها الحكم في كل كون و هي قوله  ﴿وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾  [هود:123]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية