مع أن المتيقن ما حصل في الوجود العيني فقال اللّٰه لنبيه و لكل عبد يكون بمثابته ﴿اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر:99] فإذا أتاك اليقين علمت من العابد و المعبود و من العامل و المعمول به و علمت ما أثر الظاهر في المظاهر و ما أعطت المظاهر في الظاهر
[صاحب اليقين و صاحب علم اليقين]
و اعلم أن لليقين علما و عينا و حقا و لكل حق حقيقة و سيرد ذلك في باب له مفرد بعد هذا من هذا الكتاب إن شاء اللّٰه تعالى و إنما جعل له علما و عينا و حقا لأنه قد يكون يقينا ما ليس بعلم و لا عين و لا حق و يقطع به من حصل عنده و هو صاحب يقين لا صاحب علم يقين
[هل يصح أن يكون يقين أتم من يقين]
و اختلف أصحابنا في اليقين هل يصح أن يكون يقين أتم من يقين أم لا فإنه «روى عن النبي ﷺ أنه قال في عيسى عليه السلام لو ازداد يقينا لمشى في الهواء» أشار به إلى ليلة الإسراء و أن باليقين صح له المشي في الهواء و هذا التفسير ليس بشيء فإنه أسرى به ربه ليريه من آياته : و بعث إليه بالبراق فكان محمولا في إسرائه و مثل هذا الحديث لا يصح عن رسول اللّٰه ﷺ إنه أشار بذلك إلى نفسه و معلوم أنه ليس أحد من البشر يماثله في اليقين لكنه ما مشى في الهواء بيقينه و إنما جاءه جبريل عليه السّلام بدابة دون البغل و فوق الحمار تسمى البراق فكان و البراق هو الذي مشى في الهواء ثم إنه ﷺ لما انتهى البراق به إلى الحد الذي أذن له نزل عنه و قعد في الرفرف و علا به إلى حيث أراد اللّٰه و غفل الناس عن هذا كله فما أسرى به ﷺ لقوة يقينه بل يقينه في قلبه على ما هو به من التعلق بالمتيقن العام كان ما كان لكنه مما فيه سعادته لأنه وصف به في معرض المدح
[شرف اليقين بشرف موضوعه و هو الأمر المتيقن]
و لنا في اليقين جزء شريف وضعناه في مسجد اليقين مسجد إبراهيم الخليل في زيارتنا لوطا عليه السّلام فقد يتيقن الجاهل أنه جاهل و الظان أنه ظان و الشاك أنه شاك فيما هو فيه شاك و كل واحد صاحب يقين قاطع بحاله الذي هو عليه علما كان أو غير علم فإن قلت فأين شرفه قلنا شرفه بشرف المتيقن كالعلم سواء و لهذا جاء بالألف و اللام في قوله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية