﴿لَخَلْقُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّٰاسِ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ﴾ [غافر:57] لكن يعلم القليل من الناس
[الإنسان عالم صغير و العالم إنسان كبير و الإنسان الكامل هو الوجيز]
فالإنسان عالم صغير و العالم إنسان كبير ثم انفتحت في العالم صور الأشكال من الأفلاك و العناصر و المولدات فكان الإنسان آخر مولد في العالم أوجده اللّٰه جامعا لحقائق العالم كله و جعله خليفة فيه فأعطاه قوة كل صورة موجودة في العالم فذلك الجوهر الهبائي المنصبغ بالنور هو البسيط و ظهور صور العالم فيه هو الوسيط و الإنسان الكامل هو الوجيز قال تعالى ﴿سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [فصلت:53] ليعلموا أن الإنسان عالم وجيز من العالم يحوي على الآيات التي في العالم
[أول ما يكشف لصاحب الخلوة آيات العالم قبل آيات نفسه]
فأول ما يكشف لصاحب الخلوة آيات العالم قبل آيات نفسه لأن العالم قبله كما قال تعالى ﴿سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ﴾ [فصلت:53] ثم بعد هذا يريه الآيات التي أبصرها في العالم في نفسه فلو رآها أولا في نفسه ثم رآها في العالم ربما تخيل أن نفسه رأى في العالم فرفع اللّٰه عنه هذا الإشكال بأن قدم له رؤية الآيات في العالم كالذي وقع في الوجود فإنه أقدم من الإنسان و كيف لا يكون أقدم و هو أبوه فأبانت له رؤية تلك الآيات التي في الآفاق و في نفسه أنه الحق لا غيره و تبين له ذلك
[آيات اللّٰه في الآفاق و في الأنفس دلالات على أنه هو الظاهر في المظاهر]
فالآيات هي الدلالات له على أنه الحق الظاهر في مظاهر أعيان العالم فلا يطلب على أمر آخر صاحب هذه الخلوة فإنه ما ثم جملة واحدة و لهذا تمم تعالى في التعريف فقال
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية