و لهذا نفى الحق أن تضرب له الأمثال لأنها أضداد تنافي حقيقة ما ينبغي له و لا ينافيه ما سمي به حيث نفى التشبيه فقال ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11] خلق اللّٰه التفاحة تحمل اللون و الطعم و الرائحة و لا مزاحمة في الجوهر الذي لا ينقسم و يستحيل وجود لونين أو طعمين أو ريحين في ذلك الجزء الذي لا ينقسم فلا يصح إلهان لأنهما مثلان و يصح وجود جميع الأسماء للعين الواحدة لأنها خلاف و الخلاف قابل للاجتماع بخلاف المماثل فإذا استحال الاجتماع فلحكم الضدية لا لحكم الخلاف إذ الاجتماع لا يناقض الخلاف فكل اجتماع يطلب الخلاف و ما كل خلاف يطلب الاجتماع
[ما يقتضيه الحق من الموحدين عدم المزاحمة ليبقى الرب ربا و العبد عبدا]
و إنما يقتضي الحق من الموحدين عدم المزاحمة ليبقى الرب ربا و العبد عبدا فلا يزاحم الرب العبد في عبوديته و لا يزاحم العبد الرب في ربوبيته مع وجود عين الرب و العبد فالموحد لا يتخلق بالأسماء الإلهية فإن قلت فيلزم أن لا يقبل ما جاء من الحق من اتصافه بأوصاف المحدثات من معية و نزول و استواء و ضحك فهذه أوصاف العباد و قد قلت أن لا مزاحمة فهذه ربوبية زاحمت عبودية قلنا ليس الأمر كما زعمت ليس ما ذكرت من أوصاف العبودية و إنما ذلك من أوصاف الربوبية من حيث ظهورها في المظاهر لا من حيث هويتها فالعبد عبد على أصله و الربوبية ربوبية على أصلها و الهوية هوية على أصلها فإن قلت فالربوبية ما هي عين الهوية قلنا الربوبية نسبة هوية إلى عين و الهوية لنفسها لا تقتضي نسبة و إنما ثبوت الأعيان طلبت النسب من هذه الهوية فهو المعبر عنها بالربوبية
[النقطة المفروضة في الخط]
فاقتضى الحق من الموحدين أن يوحدوا كل أمر لترتفع المزاحمة فيزول النزاع فيصح الدوام للعالم فيتعين عند ذلك ما معنى الأزل بمعقولية الأبد و هو قولك لا يزال فلو لا النقطة المفروضة في الخط التي تشبه الآن ما فرق بين الأزل و الأبد كما لا نفرق بين الماضي و المستقبل بانعدام الآن من الزمان إلا إن النقطة هي الربوبية ففرقت بين الهوية و الأعيان و هو المسمى المظاهر إلا إن النقطة أنت فتميز هو و أنا بأنت فإذا علمت هذا فأنت موحد
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية