حاله لا يتعداه شغله بنفسه و بربه كبير الشأن عظيم الحال رؤيته مؤثرة في حال من يراه فيه انكسار هكذا شاهدته صاحب انكسار و ذل أعجبتني صفته له لسان في المعارف شديد الحياء
[رجال الغنى بالله]
و منهم رضي اللّٰه عنهم رجلان يقال لهما رجال الغني بالله في كل زمان من عالم الأنفاس آيتهم ﴿فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ﴾ [آل عمران:97] يحفظ اللّٰه بهم هذا المقام الواحد منهم أكمل من الآخر يضاف الواحد منهم إلى نفسه و هو الأدنى و يضاف الآخر إلى اللّٰه تعالى «قال النبي صلى اللّٰه عليه و سلم في صاحب هذا ليس الغني عن كثرة العرض لكن الغني غنى النفس» و لهذا المقام هذان الرجلان و إن كان في العالم أغنياء النفوس و لكن في غناهم شوب و لا يخلص في الزمان إلا لرجلين تكون نهايتهما في بدايتهما و بدايتهما في نهايتهما للواحد منهما إمداد عالم الشهادة فكل غنى في عالم الشهادة فمن هذا الرجل و للآخر منهما له إمداد عالم الملكوت فكل غنى بالله في عالم الملكوت فمن هذا الرجل و الذي يستمدان منه هذان الرجلان روح علوي متحقق بالحق غناه اللّٰه ما هو غناه بالله فإن أضفته إليهما فرجال الغني ثلاثة و إن نظرت إلى بشريتهما فرجال الغني اثنان و قد يكون منهم النساء فغني بالنفس و غني بالله و غني غناه اللّٰه و لنا جزء عجيب في معرفة هؤلاء الرجال الثلاثة
[الولى الذي يتكرر تقلبه في كل نفس]
و منهم رضي اللّٰه عنهم شخص واحد يتكرر تقلبه في كل نفس لا يفتر بين علمه بربه و بين علمه بذات ربه ما تكاد تراه في إحدى المنزلتين إلا رأيته في الأخرى لا ترى في الرجال أعجب منه حالا و ليس في أهل المعرفة بالله أكبر معرفة من صاحب هذا المقام يخشى اللّٰه و يتقيه تحققت به و رأيته و أفادني آيته من كتاب اللّٰه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية