﴿وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّٰا تَعُدُّونَ﴾ [الحج:47] فإذا أخذ العارف في مشهد من مشاهد الربوبية حصل في مقدار يومها في تلك اللحظة من العلوم الإلهية ما يحصل غيره في عالم الحس مع الاجتهاد و التهيؤ من العلوم الإلهية في ألف سنة من هذه السنين المعلومة و على هذا المجرى يكون ما يحصله واحد من هؤلاء الثلاثمائة من العلوم الإلهية إذا اختطف عن نفسه و حصره يوم من أيام الرب و لا يعرف قدر ما ذكرناه و شرفه إلا من ذاقه و انطوى الزمان في حقه في تلك اللحظة كما تنطوي المسافة و المقادير في حق البصر إذا فتحه فوقع نظره على فلك الكواكب الثابتة في زمان فتح عينه اتصلت أشعته بأجرام تلك الكواكب فانظر إلى هذا البعد و انظر إلى هذه السرعة و كذلك تعلق إدراك السمع في الزمان الذي يكون فيه الصوت فيه يكون إدراك السمع له مع البعد العظيم فإن تفطنت لهذا الذي أشرنا إليه علمت معنى رؤيتك ربك مع نفي التحيز و الجهات و علمت الرائي منك و المرئي و الرؤية و كذلك السامع و السمع و المسموع و هذه الطبقة هي التي علمت الأسماء الإلهية التي توجهت على الأشياء المشار إليها في قوله تعالى ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمٰاءِ هٰؤُلاٰءِ﴾ [البقرة:31] إذ كان الإنباء بالأسماء عين الثناء على المسمى و الناس يأخذون هذه الآية على أن الأسماء هي أسماء المشار إليهم من حيث دلالتها عليهم كدلالة زيد في علميته على شخص زيد و عمر و على شخص عمرو و أي فخر في ذلك على الموصوفين بالعلم و هم الملائكة و ما تفطن الناس لقولهم ﴿نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ [البقرة:30] و قد فاتهم من أسماء اللّٰه تعالى ما توجهت على هؤلاء المشار إليهم انتهى الجزء الخامس و السبعون
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية