فالسعيد من وعظ بغيره فالعاقل منا لا يعترض على اللّٰه فيما يجريه في عباده من تولية من يحكم بهواه و لا يعمل في رعيته بما شرع له فلله في ذلك حكم و تدبير فإن اللّٰه أمر بالسمع و الطاعة و أن لا ننازع الأمر أهله إذ قد جعله اللّٰه لذلك الأمر فإن عدل فلنا و له و إن جار فلنا و عليه فنحن في الحالين لنا فنحن السعداء و ما نبالي بعد ذلك إذا أثبت اللّٰه السعادة لنا بما يفعل في خلقه فإن تكلمنا في ولاتنا و ملوكنا بما هم عليه من الجور سقط ما هو لنا في جورهم و أسأنا الأدب مع اللّٰه حيث رجحنا نظرنا على فعله في ذلك لأن لنا الذي هو في جورهم هو نصيب أخروي بلا شك فقد حرمناه نفوسنا و من حرم نفسه أجر الآخرة فهو من الخاسرين و الذين لنا إذا عدلوا فهو نصيب دنيوي و الدنيا فانية و نحن قد فرحنا و آثرنا نصيب الدنيا على نصيب الآخرة من حيث لا نشعر لاستيلاء الغفلة علينا فكنا بهذا الفعل ممن أراد حرث الدنيا كما إن قوله إذا عدلوا فلهم نصيب أخروي فزهدوا فيه بجورهم فعاد عليهم وبال ذلك الجور فالمسلم من سلم و فوض و رأى أن الأمور كلها بيد اللّٰه فلا يعترض إلا فيما أمر أن يعترض فيكون اعتراضه عبادة و إن سكت في موضع الاعتراض كان حكمه حكم من اعترض في موضع السكوت جعلنا اللّٰه من الأدباء المهذبين الذين يقضون ﴿بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف:159]
[وقائع لابن عربى و مخاطبات في سره]
واقعة قيل لي فيها و فيه مناسبة من هذا الحديث ما يعلم من اللّٰه و ما يجهل فقلت
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية