«خرج أبو داود عن ابن عمر أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لبد رأسه بالعسل»
[رد ما تعدد من الصفات و المعاني إلى عين واحدة]
لما كان الشعر من الشعور و التلبيد أن يلصق بعضه ببعض حتى يصير كاللبد قطعة واحدة و هو أن يرد الإنسان ما تعدد عنده من الصفات و المناسبة الإلهية شرعا و الأسماء الحسنى و عقلا كالمعاني الثابتة بالأدلة النظرية يرد ذلك إلى عين واحدة كما قال تعالى ﴿قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ أَيًّا مٰا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ﴾ [الإسراء:110] و قال ﴿وَ إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ﴾ [البقرة:163]
[رمزية عسل النحل من بين العلوم]
ثم إنه لبده بالعسل دون غيره من خطمي و غيره مما يكون به التلبيد و ذلك أن العسل لما أنتجه صنف من الحيوان ممن له نصيب في الوحي صحت المناسبة بينه و بين رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فإنه ممن يوحى إليه و النحل ممن يوحى إليه فالعسل من النحل بمنزلة العلوم التي جاء بها النبي صلى اللّٰه عليه و سلم من قرآن و أخبار قال تعالى ﴿وَ أَوْحىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ [النحل:68] فكان النبي صلى اللّٰه عليه و سلم يعرفنا في ردنا ما تعدد من الأحكام لعين واحدة لا يكون عن نظر عقلي و إنما يكون عن وهب إلهي و كشف رباني الذي لا تقدح فيه شبهة فهذا أعني تلبيد الرأس بالعسل دون غيره من الملبدات
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية