و من مقام إبراهيم أيضا عليه السلام أنه أوتي الحجة على قومه بتوحيد اللّٰه و أنه شاكر ﴿لِأَنْعُمِهِ اجْتَبٰاهُ﴾ [النحل:121] فهو مجتبى و هداه أي و فقه بما أبان له إلى صراط مستقيم و هو صراط الرب الذي ورد في قول هود ﴿إِنَّ رَبِّي عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود:56] و من مقامه عليه السلام أيضا أنه كان حنيفا مائلا في جميع أحواله من اللّٰه إلى اللّٰه عن مشاهدة و عيان و من نفسه إلى اللّٰه عن أمر اللّٰه و إيثار لجناب اللّٰه بحسب المقام الذي يقام فيه و المشهد الذي يشهده و من كل ما ينبغي أن يمال عنه عن أمر اللّٰه و من مقامه عليه السلام أيضا أنه كان مسلما منقاد إلى اللّٰه عند كل دعاء يدعوه إليه من غير توقف و الأمة معلم الخير فنرجو ما نورده من هذا العلم للناس أن يكون حظي من تعليم الخير و أن نقوم و نختص بأمر واحد من جانب اللّٰه أي من العلم به مما لا نشارك فيه نقوم فيه مقام الأمة لانفرادي به و القانت المطيع لله فأرجو إن أكون ممن أطاع اللّٰه في السر و العلانية و لا تكون الطاعة إلا عند المراسم الإلهية و الأوامر الموقوفة على الخطاب فأرجو إن أكون ممن يأمره اللّٰه في سره فيمتثل مراسمه بلا واسطة و من مقامه عليه السلام أيضا الصلاح و الصلاح عندنا أشرف مقام يصل إليه العبد و يتصف به في الدنيا و الآخرة فإن الصلاح صفة امتن اللّٰه بها على من وصفه بها من خاصته و هي صفة يسأل نيلها كل نبي و رسول و عندنا من العلم بها ذوق عظيم ورثناه من الأنبياء عليهم السلام ما رأيته لغيرنا و الصلاح صفة ملكية روحانية «فإن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يقول فيها إذا قال العبد في التشهد السلام علينا و على عباد اللّٰه الصالحين أصابت كل عبد صالح لله في السماء و الأرض» و من مقام إبراهيم عليه السلام إن اللّٰه آتاه أجره في الدنيا و هو قول كل نبي ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلاّٰ عَلَى اللّٰهِ﴾ [يونس:72] أجر التبليغ فكان أجره أن نجاه اللّٰه من النار فجعلها عليه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية