﴿لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً﴾ [المزمل:9] و «قال صلى اللّٰه عليه و سلم يخاطب ربه اللهم أنت الصاحب في السفر و الخليفة في الأهل» و الوكالة نيابة عن الموكل فيما وكله فيه إن يقوم مقامه فأثبت لك الشيء و سالك أن تستنيبه فيه بحكم الوكالة فمن كل وجه النيابة مشروعة
[هل تصح النيابة من جهة الحقيقة]
و هل تصح من جهة الحقيقة أم لا فمنا من يقول إنها تصح من جهة الحقيقة فإن الأموال ما خلقت إلا لنا إذ لا حاجة لله إليها فهي لنا حقيقة ثم وكلنا الحق تعالى أن يتصرف لنا فيها لعلمنا أنه أعلم بالمصلحة فتصرف على وجه الحكمة التي تقتضي أن تعود على الموكل منه منفعة فأتلف ماله هذا الوكيل الحق تعالى بغرق أو حرق أو خسف أو ما شاء تجارة له ليكسبه بذلك في الدار الآخرة أكثر مما قيل إنه في ظاهر الأمر إتلاف و ما هو إتلاف بل هي تجارة بيع بنسيئة يسمى مثل هذا تجارة رزء لكن ربحها عظيم و هذا علم يعرفه الوكيل لا الموكل و هو يحفظ عليه ما له لمصلحة أخرى يقتضيها علمه فيها و منا من وكل اللّٰه فاستخلفه الوكيل في التصرف على حد ما يرسمه الوكيل لعلم الوكيل بالمصلحة فصار الموكل وكيلا عن وكيله و هو الذي لا يتعدى الأمر المشروع في تصرفه فهو و إن كان المال له فالتصرف فيه بحكم وكيله و هذا نظر غريب و منا من قال لا تصح من جهة الحقيقة فإن اللّٰه ما خلق الأشياء و الأموال من الأشياء إلا له تعالى لتسبيحه و وقعت المنفعة لنا بحكم التبعية و لهذا قال ﴿وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء:44] فإذا خلق الأشياء من أجله لا من أجلنا فما لنا شيء نوكله فيه لكن نحن وكلاؤه في الأشياء فحد لنا حدودا فنتصرف فيها على ما حد لنا فإن زدنا على ما رسم لنا أو نقصنا عاقبنا فلو كانت الأموال لنا لكان تصرفنا فيها مطلقا و ما وقع الأمر هكذا بل حجر علينا التصرف فيها فما هي وكالة مفوضة بل مقيدة بوجوه مخصوصة من رب المال الذي هو الحق الموكل و على كل وجه فالنيابة حاصلة إما منه تعالى و إما منا و قد ثبتت في أي طرف كان انتهى الجزء الثاني و الستون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)
(وصل في فصل صفة النائب في الحج)
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية