[النبي سراج منير في دعائه إلى اللّٰه عباده]
و كذلك جعل نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم سراجا منيرا لأنه يمده بنور الوحي الإلهي في دعائه إلى اللّٰه عباده و من شرط من يدعي الإجابة إلى ذلك و جعله بإلى في قوله إلى اللّٰه و هو حرف غاية و هو انتهاء المطلوب فتضمنت حرف إلى أن المدعو لا بد أن يكون له سعى من نفسه إلى اللّٰه فإن مشى في الظلمة فإنه لا يبصر مواقع الهلكة في الطريق فتحول بينه و بين الوصول إلى اللّٰه الذي دعاه إليه بحفرة يقع فيها و بئر يتردى فيها أو شجرة أو حائط يضرب في وجهه فيصرفه عن مطلوبه أو الطريق الموصلة إليه يضل عنها لعدم التمييز في الطرق فإن هذه كلها كالشبه المضلة للإنسان في نظره إذا أراد القرب من اللّٰه بالعلم من حيث عقله و افتقر إلى نور يكشف به ما يصده عن مطلوبه و يحرمه الوصول إليه لما دعاه فجعل الحق شرعه سراجا منيرا يتبين لذلك المدعو بالسراج الطريق الموصلة إلى من دعاه إليه فقال تعالى ﴿يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّٰا أَرْسَلْنٰاكَ شٰاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ دٰاعِياً إِلَى اللّٰهِ بِإِذْنِهِ﴾ أي بأمره لم يكن ذلك من نفسك و لا من عقلك و نظرك ﴿وَ سِرٰاجاً مُنِيراً﴾ [الأحزاب:46] أي يظهر به للمدعو ما يمنعه من الوصول فيجتنبه على بصيرة كما قال ﴿أَدْعُوا إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي﴾
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية