و إنما اختلف علماء الرسوم في صومه في عرفة لا في غيرها لمظنة المشقة فيها و الضعف عن الدعاء غالبا و الدعاء في هذا اليوم هو المطلوب من الحاج فإن أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة كالمسافر في رمضان في فطره فمن العلماء من اختار الفطر فيه للحاج و صيامه لغير الحاج للجمع بين الأثرين و قد قدمنا في أول الفصل الخبر المروي الصحيح في صيامه فنذكر إن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لم يصمه بعرفة رحمة بالناس الذين تدركهم المشقة في صيامه كذا توهم علماء الرسوم و الأمر على ما قلناه فإنه كان قادرا على صومه في نفسه و ينهى أمته عن صيامه بعرفة و مثل هذا وقع في الشرع كنكاح الهبة فهو له خاصة و هو حرام على الأمة بلا خلاف و كالوصال و إن جاز فعلى كراهة خرج مسلم عن أم الفضل أن الناس تماروا عندها يوم عرفة في صيام رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فقال بعضهم هو صائم و قال بعضهم ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح لبن و هو واقف على بعيره فشربه قال تعالى ﴿وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ﴾ [الأنبياء:107] فالرحمة هنا عندنا إن أعلمهم أن الفطر في يوم عرفة في عرفة هي السنة و عند علماء الرسوم طلب الرفق و الحجة لنا في «قوله خذوا عني مناسككم»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية