﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى:1] قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم اجعلوها في سجودكم
[الفاتحة تجمع بين الذكر و الشكر]
فأمرنا اللّٰه بذكره و شكره و الفاتحة تجمع الذكر و الشكر و هي التي يقرأها المصلي في قيامه فالشكر فيها قوله ﴿اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ﴾ [الفاتحة:2] و هو عين الذكر بالشكر إلى كل ذكر فيها و في سائر الصلاة فذكر اللّٰه في حال الصلاة و شكره أعظم و أفضل من ذكره سبحانه و شكره في غير الصلاة فإن الصلاة خير موضوع العبادات و قد أثرت هذه الصلاة في الذكر هذا الفضل و هو يعود على الذاكر
[الذكر الوارد في القرآن]
و ينبغي لكل من أراد أن يذكر اللّٰه تعالى و يشكره باللسان و العمل أن يكون مصليا و ذاكرا بكل ذكر نزل في القرآن لا في غيره و ينوي بذلك الذكر و الدعاء الذي في القرآن ليخرج عن العهدة فإنه من ذكره بكلامه فقد خرج عن العهدة فيما ينسب في ذلك الذكر إلى اللّٰه و ليكون في حال ذكره تاليا لكلامه فيقول من التسبيحات ما في القرآن و من التحميدات ما في القرآن و من الأدعية ما في القرآن فتقع المطابقة بين ذكر العبد بالقرآن لأنه كلام اللّٰه و بين ذكر اللّٰه إياه في قوله أذكركم فيذكر اللّٰه الذاكر له أيضا و ذكره كلامه فتكون المناسبة بين الذكرين فإذا ذكره بذكر يخترعه لم تكن تلك المناسبة بين كلام اللّٰه في ذكره للعبد و بين ذكر العبد فإن العبد هنا ما ذكره بما جاء في القرآن و لا نواه و إن صادفه باللفظ و لكن هو غير مقصود ثم إن هذا الذكر بالقرآن جاء في الصلاة فالتحقق بالأذكار الواجبة و الأذكار الواجبة عند اللّٰه أفضل فإن العبد مأمور بقراءة الفاتحة في الصلاة و لهذا أوجبها من أوجبها من العلماء و كذلك العبد مأمور بالتسبيح في الركوع و السجود بما نزل في القرآن و هو قوله صلى اللّٰه عليه و سلم اجعلوها في ركوعكم و اجعلوها في سجودكم فأمر و المصلي مأمور أن يسبح اللّٰه ثلاثة فما زاد في ركوعه بما أمر به و في سجوده ثلاثة فما زاد بما أمر به و ذلك أدناه و أمره محمول على الوجوب و لهذا رأى بعض العلماء و هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه أن ذلك واجب و أنه من لم يسبح ثلاث مرات في ركوعه و سجوده لم تجز صلاته
[الاستعانة على الذكر و الشكر بالصلاة و الصبر]
و «قال اللّٰه تعالى استعينوا على ذكري و شكري بالصبر و الصلاة»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية