﴿وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ [المائدة:17] و هم الأسفلون عالم الأجساد الذين قاموا بالنشأة العنصرية طوعا للأرواح من حيث علمهم و مقامهم و للأجسام من حيث ذواتهم و أعيانهم و كرها في الأرواح من حيث ذواتهم و في الأجسام من حيث رياستهم و تقدمهم على أبناء جنسهم
[الإنسان الكامل بشر ملكى و ملك بشرى]
و هذا سجود إخبار فتعين على العبد أن يصدق اللّٰه في خبره عمن ذكر فإنه من أهل الأرض بجسده و من أهل السموات بعقله فهو الملك البشري و البشر الملكي فيسجد طائعا لربه و كرها من تقييده بجهة خاصة لا يقتضيها علمه و إن كان ساجدا في نفس الأمر سجودا ذاتيا و إن لم يشعر بذلك فيوقعها عبادة فإن ذلك أنجى له
[امتداد الظلال في الغدو و الآصال]
و ذكر الغدو و الآصال لامتداد الظلال في هذه الأوقات فجعل امتدادها سجودا فهي في الغدو تتقلص رجوعا إلى أصلها الذي منه انبعثت و خوفا على نفسها من الاحتراق فكأنها نقتصر على ذاتها و في الآصال تمتد و تطول بالزيادات من إظهار نعم اللّٰه التي أسبغها عليها و الغدو و الآصال من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فأخرج حكم السجود في هذه الأوقات عن حكم النافلة و جعل حكمه حكم الفرائض أو المقضي من النوافل فتعين على التالي في هذه الآية السجود فيجازي من باب من صدق ربه تعالى في خبره
[سجدة الاقتداء بالمهدى و سجدة التصديق بالتحقيق]
فسجدة الأعراف سجدة اقتداء بهدى الملائكة و هذه سجدة تصديق بتحقيق
(وصل السجدة الثالثة)
سجود العالم الأعلى و الأدنى في مقام الذلة و الخوف سجود هذه السجدة عند قوله ﴿وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ﴾ [النحل:50] فذكر الملائكة و الظلال و سجدوا في الأعراف سجود اختيار لما يقتضيه جلال اللّٰه و هنا أثنى اللّٰه عزَّ وجلَّ عليهم بأنهم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية